خاص | النقار
يختتم المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ زيارته لواشنطن، ويبدأ رشاد العليمي بدوره زيارته إلى محافظة حضرموت قادماً من الرياض.
إنها خارطة طريق، لكن بلا طريق ولا خطوات تُسلك. كل ما في الأمر أنه هكذا تفعل مصطلحات السياسة بالشعوب المنهكة. فعشر سنوات من أعمار اليمنيين وجوعهم وآلامهم ومعاناتهم تذهب ثمناً للتوصل إلى خارطة. يستبقي المبعوث الأممي في جعبته تلك المصطلحات كدلالة على جدية منصبه في الأمم المتحدة وحرصه على الاستمرارية فيه. فبعد أن عقد مجلس الأمن الجلسة ذاتها بخصوص اليمن واستمع فيها إلى الكلام ذاته، فأصدر البيان ذاته، اختتم غروندبرغ زيارته إلى واشنطن، حسب صفحته على منصة إكس، "حيث التقى مسؤولين أمريكيين كباراً لمناقشة التطورات في اليمن واستكشاف سبل دعم عملية سياسية جامعة لحل النزاع". إنه السأم لا أكثر، استعرض فيه غروندبرغ "التحديات التي تعيق جهود الوساطة في اليمن، بما في ذلك التطورات الإقليمية ومسار التصعيد المقلق في اليمن منذ بداية العام"، مشدداً "على ضرورة منح الأولوية لمسار السلام والحوار والتهدئة في اليمن، وعلى أهمية الدعم الإقليمي والدولي المتضافر لتحقيق هذا الهدف".
في المقابل، ثمة زيارة بدأت للتو ولم تُختتم بعد، قام بها العليمي اليوم إلى حضرموت، في ظل رفض قبلي وشعبي واسع.
مؤتمر حضرموت الجامع رفض زيارة العليمي واعتبرها زيارة غير مرحب بها، بينما اعتبر هشام الجابري، مدير مكتب فرج البحسني، النائب في مجلس العليمي، أن الزيارة تثير الكثير من الاستغراب بسبب غموض أهدافها، ولا يتوقع أن تحقق شيئاً يُذكر لحضرموت، مشيراً إلى أنها قد تكون مجرد زيارة أخرى كسابقاتها دون تحقيق تقدم ملموس للمحافظة.
الجابري أعرب عن استغرابه واستغراب الكثيرين في حضرموت من عدم حضور البحسني برفقة العليمي، معتبراً غياب شخصية مهمة كالبحسني، والذي يعد أحد الركائز الأساسية في حضرموت، إخفاقاً كبيراً للعليمي الذي كان من المفترض أن يكون البحسني في مقدمة مستقبليه، قائلاً: "للأسف، زيارتكم ناقصة يا فخامة الرئيس!".
وعلى النقيض، اصطحب العليمي في زيارته اثنين من أعضاء مجلسه: العليمي الآخر وعثمان مجلي، مؤكداً في تصريح لوسائل الإعلام "إدراك المجلس والحكومة للأوضاع التمويلية في محافظة حضرموت ومشاركة السلطة المحلية في المحافظة للنجاحات والإخفاقات، وليس الهروب منها".
أما الهدف من الزيارة فالتكهنات تصب كلها في خانة العمل على إعادة تصدير النفط وفقاً لاتفاق ما. وبحسب الصحفي فتحي بن لزرق "نقترب من التوصل إلى اتفاق يسمح بإعادة تصدير النفط في اليمن ولكن وفق آلية جديدة".
و"الآلية الجديدة" هذه ستظل سراً عند أطراف الصراع ولا يحق للشعب الاطلاع عليها. فلا سلطة صنعاء في وارد أن تكشف بوضوح ما الذي استجد خلال الأيام الماضية، ولا سلطة عدن تستطيع أن تتحدث هي الأخرى بعد أن ألقمت حجراً بحجم كبير.
أما خارطة الطريق فيكفي أن يتم الإعلان عنها من قبل هذا الطرف أو ذاك. وبحسب القيادي في الحراك الجنوبي آزال الجاوي فإن خارطة الطريق هذه مازالت على عواهنها دون أية توضيحات، فلا أحد يعرف بالضبط ماهيتها ولا قواعدها ولا من وضعها ولا ماهية مرجعيتها ولا من هم أطرافها ابتداءً وأطرافها في كل مرحلة، ولا ما هي غايتها النهائية.
الجاوي أكد أن "أية خارطة يجب أن تكون واضحة المعالم حتى تدل على الطريق الصحيح، ما لم فإنها تؤدي إلى العكس، أي إضاعة الطريق ومحطاته..."، مشيراً إلى أنه من حيث الجملة "فقد خلقت الخارطة نتائج واقعية قائمة فعلاً، حتى في حال فشلها أو رفضها من قبل الأطراف، وحتى إن لم يتم التوقيع عليها".
أما التفاصيل بحسب الجاوي فهي بمثابة "مسار متاهة نقطة نهايتها هي نفس نقطة بدايتها، لنكتشف في نهاية المطاف أننا أمام مبادرة خليجية ثانية تحمل في طياتها نفس أهداف وإخفاقات المبادرة الخليجية الأولى عام 2011".