بواسطة هارون ي. زيلين, إليزابيث دنت
على الرغم من أن إطلاق النار على المسجد كان غير مسبوق في عُمان، إلا أنه يتناسب مع الممارسة القائمة منذ فترة طويلة للتنظيم الإرهابي المتمثلة في ذبح المسلمين الشيعة في الخليج وخارجه.
في 15 تموز/يوليو، أطلق ثلاثة مسلحين من تنظيم داعش "الدولة الإسلامية" النار على مسجد الإمام علي الشيعي في منطقة الوادي الكبير بمسقط، في أول هجوم جهادي ناجح في تاريخ عُمان الحديث. وقبل أن تقتل قوات الأمن الجناة الثلاثة، تمكن هؤلاء من قتل ستة أشخاص وإصابة ما يصل إلى خمسين آخرين. وكشفت الشرطة في وقت لاحق أن المهاجمين الثلاثة هم مواطنون عمانيون وإخوة. وفي الليلة التالية، أعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" مسؤوليته عن الحادثة، ووصفها بأنها جزء من الحملة الجهادية السنية التي يشنها التنظيم ضد المسلمين الشيعة في جميع أنحاء العالم. لمَ حدث هذا الهجوم غير المسبوق في عُمان الآن؟ وكيف يمكن للولايات المتحدة المساعدة في منع تكرار مثل هذه الحادثة مع إعادة تأكيد التزامها بالشراكة الثنائية الاستراتيجية؟
تورط عُماني ضئيل في الجهاد
يُعزى عدم تعرض عُمان لهجمات جهادية من قبل بشكل رئيسي إلى ضلوع عدد قليل جدًا من العمانيين في الحركات الجهادية. فمعظم مواطني السلطنة هم من المسلمين الذين يتبعون المذهب الإباضي، وهو مذهب ديني لا يسعى إلى فرض السيطرة العامة للحكومة الإسلامية، بخلاف بعض الفصائل السنية والشيعية.
تشمل أقدم الحالات المعروفة لمثل هذا التورط أبو عبيدة العُماني وأبو حمزة العُماني، وهما مواطنان انضما إلى تنظيم "القاعدة" في أفغانستان في أواخر التسعينيات وقاتلا محليًا حتى قُتلا (نعتهم "القاعدة" في فيديو نشرته في آب/أغسطس 2012). وفي وقت لاحق، ظهر مواطن عُماني يُدعى معتصم بن صادق بن محمد في "سجلات سنجار"، وهو سجل للمقاتلين الأجانب الذين انضموا إلى سلف تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2013، تم الإعلان عن مواطن عُماني كـ "شهيد" بعد أن قاتل ولقي حتفه في صفوف الجماعة الجهادية التي تقودها السعودية "الكتيبة الخضراء" خلال الحرب الأهلية في سوريا. وبعد شهرين، نعى تنظيم "الدولة الإسلامية" مقاتلًا عُمانيًا آخرًا كان قد لقي حتفه في سوريا.
بالإضافة إلى ذلك، تشير رسالة داخلية مسربة إلى أنه ابتداءً من عام 2017، طلبت المناطق الأساسية لتنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا من "ولايتهم" اليمنية التخطيط لهجمات في عُمان، على وجه التحديد، ضد سفارات الدول المشاركة في التحالف العالمي لهزيمة "داعش". وعلى الرغم من أن هذه الخطط لم تؤتِ ثمارها قط، إلا أنها توضح أن تنظيم "الدولة الإسلامية" مهتم بمهاجمة البلاد بشكل مباشر منذ سبع سنوات، إن لم يكن أكثر.
اختيار الهدف
كما سبقت الإشارة، كان هجوم الأسبوع الماضي هجومًا طائفيًا بطبيعته أكثر من كونه هجومًا خاصًا بعُمان بالتحديد. فهو يتبع نمطًا قائمًا منذ وقت طويل يتمثل باستهداف تنظيم "الدولة الإسلامية" للشيعة داخل "دولة خلافته" السابقة وفي الخارج. فكثيرًا ما يشير التنظيم إلى الشيعة باستخفاف على أنهم روافض، متهمًا إياهم بـ "رفض" شرعية الخلفاء التاريخيين أبي بكر وعمر وعثمان لصالح علي بن أبي طالب، ابن عم النبي محمد وصهره (من بين الاختلافات العقائدية الأخرى).
تم اختيار توقيت الهجوم أيضًا في يوم عاشوراء، الذي يعتبره الشيعة يوم حداد سنويًا مهمًا على الحسين بن علي، حفيد النبي محمد والإمام الشيعي الثالث. ففي أواخر القرن السابع، رفض الحسين لأسباب أخلاقية إعطاء البيعة للخليفة الأموي يزيد بن معاوية، وقُتل لاحقًا مع معظم أقاربه الذكور في معركة كربلاء.
تشمل هجمات تنظيم "الدولة الإسلامية" السابقة على الأهداف الشيعية ما يلي:
• 2014: قام تنظيم "الدولة الإسلامية" بذبح معتقلين شيعة في سجنين بالعراق: بادوش (الموصل) ومعسكر سبايكر (تكريت).
• 2015: هاجم تنظيم "الدولة الإسلامية" مساجد شيعية في مدينة الكويت والمملكة العربية السعودية (القطيف والدمام)، واليمن (صنعاء)، بالإضافة إلى سوق في العراق (خان بني سعد) وأحياء شيعية في جنوب بيروت.
• 2016: هاجم تنظيم "الدولة الإسلامية" مساجد شيعية في المملكة العربية السعودية (محاسن) وسوريا (السيدة زينب) وكذلك تجمعات شيعية في العراق (السماوة).
• 2017: هاجم تنظيم "الدولة الإسلامية" تجمعات شيعية في بغداد.
• 2018: شن تنظيم "الدولة الإسلامية" هجمات متعددة على مساجد شيعية في أفغانستان (غارديز وكابول).
• 2019: هاجم تنظيم "الدولة الإسلامية" تجمعات شيعية في باكستان (كويتا).
• 2021: هاجم تنظيم "الدولة الإسلامية" تجمعات شيعية في أفغانستان (كابول وقندوز وقندهار) وبغداد.
• 2022: هاجم تنظيم "الدولة الإسلامية" مساجد شيعية في أفغانستان عدة مرات (مزار شريف، كابول)، إلى جانب مساجد في إيران (شيراز) وباكستان (بيشاور).
• 2023: هاجم تنظيم "الدولة الإسلامية" مسجدًا شيعيًا في بل خمري، أفغانستان.
• 2024: هاجم تنظيم "الدولة الإسلامية" مسجدًا شيعيًا في غوزارا، أفغانستان.
انطلاقًا من هذه الخلفية، ليس هجوم عُمان سوى حلقة مأساوية أخرى ضمن سلسلة أوسع من الحوادث الطائفية، وهو تقييم تعزز مع الإعلان الرسمي عن الهجوم من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية": فليعلم الروافض المرتدين أن الحرب مستمرة ضدهم في كل مكان. وكذلك، أوضحت شهادة الجناة المسجلة مسبقًا بالفيديو أنهم تصرفوا "انتقامًا لعائشة أم المؤمنين" (وهو موضوع يثير المزيد من الخلافات العقائدية بين السنة والشيعة) و"انتقامًا لإخواننا الموحدين السنة المعزولين في سجون الروافض في العراق وسوريا واليمن". كما حذروا من أن "جنود الدولة الإسلامية سيكون لهم موعد مع دار عبادة الروافض في مسقط".
اعتبارات السياسة الأمريكية
بالإضافة إلى المنظور الطائفي، ينبغي معاينة هجوم عُمان في إطار اتجاه أوسع لتكثيف العمليات الخارجية لتنظيم "الدولة الإسلامية" في جميع أنحاء العالم. على الرغم من تورط المواطنين العُمانيين المحدود في الجهاد، تنخرط الحكومة العُمانية بعمق في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، بما في ذلك كعضو في التحالف الدولي ضد "داعش" والتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب بقيادة السعودية. لكنها بشكل عام تفضل اتخاذ مثل هذه الإجراءات خلف الكواليس من أجل الحفاظ على طابعها الحيادي ودورها المعتاد كوسيط إقليمي. لدى عُمان أيضًا العديد من الوكالات المعنية بمكافحة الإرهاب، مثل قوة السلطان الخاصة وقوة المهام الخاصة لشرطة عُمان السلطانية.
يجري المسؤولون الأمريكيون والعُمانيون، في إطار علاقاتهم السياسية والدفاعية القوية، مناقشات ثنائية منتظمة حول مكافحة التطرف العنيف. تقدم الولايات المتحدة أيضًا مساعدة كبيرة في مجال أمن الحدود إلى مسقط، إلى جانب منح صغيرة من حساب وزارة الخارجية لمنع انتشار الأسلحة ومكافحة الإرهاب وإزالة الألغام والبرامج ذات الصلة (NADR). لكن من المقرر أن يلغي طلب ميزانية السنة المالية 2025 الخاص بإدارة بايدن تمويل منع انتشار الأسلحة ومكافحة الإرهاب وإزالة الألغام والبرامج ذات الصلة ويقلل المساعدة الأمريكية الإجمالية لمسقط (على الرغم من أنه سيوفر زيادة طفيفة في حساب التعليم والتدريب العسكري الدولي).
في عُمان، من المرجح أن يغير الهجوم كيفية تعامل الحكومة مع تهديد الإرهاب داخل حدودها نظرًا لطبيعة الحادثة والجناة والهدف المختار. ومن المفترض أن يشمل ذلك دعم أجهزتها الأمنية لتحديد كيف غفلت أجهزة المخابرات عن مؤامرة بهذا الحجم، بالإضافة إلى مراجعة الرد الأمني على الحادثة لاستخلاص العبر المناسبة.
لطمأنة الحكومة والشعب العُمانيين بأن الولايات المتحدة ستبقى شريكًا قويًا في مواجهة مثل هذه التهديدات الإرهابية، يجب على واشنطن توطيد التعاون مع مسقط في سياق الحرب العالمية الأوسع ضد تنظيم "الدولة الإسلامية". ومن الجدير بالذكر أن التحالف الدولي ضد "داعش" سيجتمع خلال الشهرين المقبلين. وسيوفر ذلك منصة أخرى لمناقشة حادثة الأسبوع الماضي والوضع الحالي لتبادل المعلومات والاستخبارات بين الدول الأعضاء (بما في ذلك عُمان)، بهدف اكتشاف الأفراد المعبأين بشكل أفضل ومنعهم من تنفيذ الهجمات. بالإضافة إلى ذلك، يجب على واشنطن أن تفكر في إعادة تمويل منع انتشار الأسلحة ومكافحة الإرهاب وإزالة الألغام والبرامج ذات الصلة وإعادة المساعدة الشاملة إلى مستوياتها السابقة، بما أن معظم هذه الأموال مخصصة لأغراض مكافحة الإرهاب. فالمضي قدمًا في التخفيضات في هذه المرحلة يُعد خطوة غير حكيمة. وبدلًا من ذلك، يحتاج شركاء أمريكا في عُمان إلى إشارة تدلّ على التضامن.