بحسب الطقس، استجاب العليمي لنشرة الأحوال الجوية التي أفادت بأن درجة الحرارة في صنعاء تجاوزت الحد المسموح به، على العكس من عدن التي فقد فيها ترمومتر العليمي زئبقيته وميوعته فتصلب عند الدرجة صفر.
وبما أن الطقس كان عند العليمي، أو هو كذلك على الدوام، غائماً تماماً ومصحوباً برعود من هنا وهناك، فقد أعلنت حكومته، "رسمياً، إلغاء قرارات البنك المركزي في عدن، الذي يستهدف ستة بنوك في صنعاء، والتوصل إلى اتفاق مع حكومة صنعاء".
وبصرف النظر عن كل ما ورد في الديباجة التي اعتادت عليها وكالته الإخبارية، فإن عبارة "وعملاً بمبدأ المرونة" هي التي يمكن أن تعبر عن موقف العليمي على الدوام كخاصية فيزيائية. لكنها في هذا الأمر مرونة قد تفضي به إلى حرق آخر ما تبقى لديه من أوراق.
على الجانب الآخر، ثمة شعور بالزهو لدى جماعة أنصار الله من كونها استطاعت فرض شروطها، سواء على حكومة العليمي أو غيرها، واستعادت خدمة السويفت التي كانت محظورة على بنوكها، بالإضافة إلى زيادة رحلتين من مطارها إلى وجهة إضافية بدلاً من وجهة وحيدة هي الأردن.
تبدو الرياض ذكية وهي تدير أوراق اللعبة كما ينبغي. فالهامش الذي منحته وحددته مسبقاً لسلطة صنعاء كي تناور فيه وتستعرض بطولاتها يجعلها تلعب دوماً في أشياء هي أصلاً خارج التفاوض والمفاوضات وشروط ومتطلبات الهدنة.
هي فقط تحقق للدونكيشوتيين رغبتهم في استعراض البطولات. فمثلما جعلتهم يطلقون شعار البراءة من داخل الحرم، فكان لمن في صنعاء أن يهللوا ويكبروا وهم يرون ويسمعون ذلك الانتصار الكبير الذي حققه وفد الحجيج الرسمي، ها هي تجعل أولئك الدونكيشوتيين يحققون بطولة أخرى في تصوير الأمر على أنه إجبار لها في التراجع عن قرارات بنك لا يعنيها وزيادة رحلات مطار لا يعنيها هو أيضاً.
أما العليمي، فليس بالنسبة لها سوى ذلك الذي حجزت له فندقاً يستقبل فيه هذا السفير أو ذاك المسؤول، كرئيس معتبر لبلد اسمه الجمهورية اليمنية والعلم إلى جانبه، فتأتيه التعليمات أو ربما لا يحتاج لأن تأتيه، وإنما ينفذها بذكائه المعهود.
الغريب أن هناك من شعر بالخذلان من موقف العليمي، وكأنهم كانوا ينتظرون منه موقفاً صلباً في أي شيء، ناسين أن خاصية الرجل منذ أول ظهور له هي تحويل كل ما هو صلب إلى حالة مائعة.
وها هو، بعد إعلانه إلغاء تلك القرارات التي كان بنكه قد أصدرها، يجري اتصالاً هاتفياً مع محافظ حضرموت للاطمئنان على صحة أبناء المحافظة وعلى "الجهود المنسقة مع الجهات الحكومية لتحسين الخدمات وتعزيز الأمن والاستقرار في المحافظة".
بل إنه لم ينس أن يهنئ بن ماضي "بنجاح مهرجان نجم البلدة غداة اختتام فعالياته السنوية، كأحد أفضل الوجهات السياحية للاستمتاع بالظاهرة الطبيعية النادرة في المنطقة"، دون أن يشير، بطبيعة الحال، إلى ذلك الخبر في صفحته الرسمية على منصة إكس. فليس في اتصال أجري مع أحد محافظي جمهوريته ما يستحق الذكر لينوه إليه في صفحته الرسمية. وربما أن تلك هي الطريقة الوحيدة التي يعبر فيها عن خاصيته الفيزيائية.