خاص | النقار
وحدهما حكومتا صنعاء وتل أبيب تعرفان من أين يأتي الفرج. هكذا يبدو الأمر على الدوام، فلا حديث الآن عن أي تغيير حكومي حتى إشعار آخر. والإشعار الآخر هذا ما زال قبله إشعار سابق لم يأتِ بدوره حتى الآن.
في خضم كل ما يحدث، وفي ظل الاعتداء الإسرائيلي على اليمن، ثمة قاسم مشترك يجمع بين الحكومتين، وهو أنهما تستطيعان الوثوق بالبقاء أكثر. فمَن ذا الذي سيفكر، على الأقل في هذه الأثناء، بتغيير حكومي في حكومة تل أبيب، ناهيك عن حكومة صنعاء؟ بعد ظهور زعيم أنصار الله للمرة الثانية، بعد أشهر طويلة من ظهوره الأول، تحدث عن تغيير تأخر بفعل الحرب والعدوان على غزة، حيث أصبحت الأولوية تقتضي النظر إلى "العدو" الذي يبدو أنه لن يكون في النهاية سوى العالم بأسره. وعد بأن شهري محرم وصفر سيأتيان بذلك التغيير. لكن، لأن محرم شهر حرام، فالضرب في الميت حرام بحسب المثل، خصوصاً إذا كان التغيير جذرياً لدرجة استبدال ابن حبتور بآخر، والمشكلة أن الجميع ينتظر بفارغ الصبر وكأن إحلال اسم محل آخر سيغير من المعادلة الوجودية لليمنيين.
في الجانب الآخر، يُحضِّر العليمي على نار هادئة تغييراً حكومياً قد يشمل بن مبارك كما هو حال بن حبتور، تتوزع فيه الحقائب الوزارية على مكونات العليمي السياسية وكأنها استحقاق لا تكليف، ومخصصات مالية يفترض أنها مرتبات لكنها في الحقيقة (بدلات سفر) لحكومة مهاجرة أعطت ظهرها للبلد ولم تعد.
تعتدي تل أبيب فتتوعد صنعاء ولا تعترف إلا بـ "يافا" كنوع من الرد على الأسماء المزورة بالأسماء الحقيقية. حتى أن طائرتها المسيرة حملت ذلك الاسم. في المقابل، ثمة حكومة للعليمي تدين من الخارج الأبدي ما حدث وتستنكر وتعتبره عدواناً هي الأخرى، كنقطة التقاء مع حكومة المشاط ضد حكومة نتنياهو، وكأنها حريصة على كل ذرة تراب يمنية من أن يطالها النار.
وفي الوقت الذي يُعلن فيه عن تفشي مرض شلل الأطفال في غزة، وبعد يوم من العدوان الإسرائيلي على اليمن، تصعد السفارة الأمريكية المنبر لتتحدث عن تفشي مرض شلل الأطفال في المناطق الخاضعة لسيطرة أنصار الله. تصريح ملفت من حيث التوقيت، لكن لا أحد قد يلتفت إليه أو يتساءل لماذا: هل هو استباق لما يمكن أن تحدثه نوعية السلاح الذي استخدم في الضربة، أو سيتم استعماله إن تطورت الأمور واتسعت إلى حرب مفتوحة؟ إسرائيل بطبيعة الحال لن تتورع عن ارتكاب أي شيء فهي كيان إجرامي ترقى مع الجريمة على الدوام. ومع ذلك، ورغم شعار "الموت لأمريكا" وكل ما حدث للأمريكيين في البحر الأحمر، ها هي سفارة فاغن تعرض خدماتها لأنصار الله واستعدادها لتوفير اللقاح عبر الوكالة الأمريكية للتنمية. ولأنها تمثل الجانب السياسي، فلا حديث عن "حارس الازدهار" كيف انتهى به الحال، مع أنه السؤال الذي يؤرق العليمي وحكومته ويطرحانه على الدوام مع كل لقاء بفاغن وغير فاغن في الرياض. المعبقي لا حديث عنه بعد أن أجبر على التراجع عن قراراته، فواصل الريال تدهوره إلى ما بعد الحضيض.