• الساعة الآن 02:39 PM
  • 21℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

سر التهام أمراض المناعة الذاتية النساء أولا

news-details

يجزم الأطباء أن أكثر من 100 نوع من أمراض المناعة الذاتية المترتبة عن خلل يهاجم فيه الجهاز المناعي الأنسجة والأعضاء السليمة بدلاً من الفيروسات والبكتيريا والأجسام الغريبة، تصيب في نسبتها الكبرى النساء لأسباب صحية باتت معروفة.

ليس هذا وحسب، بل إن هناك أمراضاً أخرى تعتبر المرأة أكثر عرضة للإصابة بها مثل الصداع النصفي والاكتئاب، إذاً مع ثبوت علمياً أن النساء هن أكثر عرضة لمواجهة خطر الإصابة بهذه الأمراض، فهل أصبح من الممكن اتخاذ إجراءات بعينها تسمح بالوقاية منها؟

عندما يهاجم الجسم نفسه

المناعة عبارة عن جهاز في جسم الإنسان هدفه حمايته من كل ما يأتيه من الخارج ويبدو غريباً عنه مثل الفيروس والبكتيريا وغيرها، وفق ما يوضحه رئيس قسم أمراض الجهاز العصبي في مستشفى "أوتيل ديو دو فرانس" في بيروت البروفيسور حليم عبود.

ونظام المناعة عبارة عن مجموعة من الآليات، ومن الممكن أن يحصل خلل معين فيه يؤدي به إلى إفراز بروتينات في مواجهة الجسم بدلاً من مواجهة ما يأتيه من الخارج، وفي هذه الحال يحارب الجسم أجزاء منه بدلاً من مواجهة جسم غريب من الخارج، كما يحصل في التصلب اللويحي مثلاً، إذ يحارب جهاز المناعة المادة البيضاء.

وبحسب عبود فإن التصلب اللويحي يعتبر من أمراض المناعة الذاتية التي تصيب المرأة بمعدلات كبرى، وبصورة عامة تعتبر النساء بين عمر 20 و45 عاماً أكثر عرضة للإصابة به، مقارنة بمعدلاته بين الرجال.

ومع التطور الطبي الحاصل تعطى أدوية موجهة لجهاز المناعة للرجل والمرأة على حد سواء، لكن بالنسبة إلى النساء قد يكون المسار العلاجي أكثر دقة، ففي حال الحمل من الطبيعي أن تؤخذ أية أدوية تلك الحالة بعين الاعتبار والتحقق ما إذا كانت مسموحة للحامل تناولها أو لا، بالاستناد إلى الدراسات والتجارب، كما يقول الطبيب المتخصص في أمراض الجهاز العصبي.

 

 

ويضيف، "إذا كانت المرأة في سن الإنجاب فهناك أدوية قد لا تسمح لها بالإنجاب قبل مرور فترة معينة، ولذلك يعتبر وضع المرأة مختلفاً في معالجة أمراض المناعة الذاتية التي تعتبر أكثر عرضة لها، وهذا ما يجب أن يؤخذ دائماً بعين الاعتبار عند معالجتها".

ويوضح الطبيب عبود أن النساء هن أكثر عرضة للإصابة بأمراض المناعة الذاتية لسببين رئيسين، أولهما الهرمونات والتقلبات المستمرة فيها، وثانيهما العامل الوراثي، إذ إن للمرأة النوع نفسه من صبغيات الجنس (XX) فيما يحمل الرجل (XY)، ويعتبر الكروموزوم (X) مسؤولاً عن كل ما له علاقة بالمناعة، وبما أن المرأة تحمله بشكل مضاعف فإنها أكثر عرضة للإصابة بأمراض المناعة الذاتية.

استعداد جيني وعوامل أخرى

صحيح أن ثمة استعداداً جينياً يجعل الإنسان أكثر عرضة للإصابة بأمراض المناعة الذاتية، لكن الطبيب الاختصاصي في الطب الداخلي في لبنان البروفيسور فادي حداد يؤكد أنه في أي من الأمراض الجينية لا يكفي الاستعداد الجيني وحده لظهور المرض، بل تؤدي عوامل معينة ترتبط بالمحيط إلى ذلك في وقت من الأوقات.

ويرى أنه قد تتنوع العوامل المرتبطة بالبيئة والمحيط والتي تسهم في ظهور مرض بوجود الاستعداد الجيني، وينطبق ذلك على أمراض المناعة الذاتية ومنها التوتر والهرمونات والالتهابات وتلقي لقاح معين أو تناول أدوية معينة، وكلها عوامل مرتبطة بالمحيط ويمكن أن تسهم في تحريك المرض الموجود أصلاً بسبب الاستعداد الجيني.

وبما أن كثيراً من أمراض المناعة الذاتية يرتبط بالهرمونات التي تسهم في ظهورها خلال أوقات معينة، يوضح حداد أن المرأة أكثر عرضة لهذا الخطر، فالنسبة الكبرى من المصابين بأمراض المناعة الذاتية من النساء لأن المرأة عرضة للتقلبات الهرمونية في مراحل مختلفة من الحياة، وأحد أمراض المناعة الذاتية التي تنتشر بين النساء هي "الذئبة"، إضافة إلى أمراض أخرى مثل تصلب الجلد و"متلازمة شوغرن"، وكلها تصيب النساء بنسب أعلى.

وتقسم أمراض المناعة الذاتية إلى نوعين، أحدهما يصيب عضواً واحداً كمثل الغدة الدرقية التي تصاب بالكسل بسبب مرض هاشيموتو، وتكون عندها أكثر عرضة للإصابة في الوقت نفسه بأمراض مناعة ذاتية أخرى، مثل فقر الدم الخبيث بسبب نقص حاد في الفيتامين "ب-12"، والنوع الثاني هو أمراض المناعة الذاتية التي تطاول نظام الجسم كاملاً، أي أعضاء عدة في الوقت نفسه، لكن أياً كانت أنواع أمراض المناعة الذاتية فإن النساء يعتبرن أكثر عرضة للإصابة بها.

الوقاية ممكنة مع الكركم

قد يبدو أن أمراض المناعة الذاتية من المشكلات الصحية التي لا مفر من الإصابة بها لاعتبارها ترتبط بعامل جيني، لكن في الواقع هناك بارقة أمل ترتبط بإمكان الوقاية منها عبر تجنب العوامل المرتبطة بالبيئة التي تسهم في ظهور المرض في حال وجود الاستعداد الجيني.

وهنا ينصح البروفيسور فادي حداد بتجنب التوتر ومصادره قدر الإمكان للحد من الخطر، وتقليل تناول أدوية لا حاجة إليها، والسعي إلى الوقاية من الإصابة بالالتهابات، لكنه لا ينكر أن المسألة قد تخرج عن السيطرة وربما لا يكون من الممكن تجنب التعرض لهذه العوامل في نمط الحياة.

ويضرب مثالاً على ذلك بقوله إنه "من الممكن الإصابة بالتهاب فيروسي في أي وقت كان وفي أية مرحلة من الحياة، مهما اُتخذ من إجراءات وقاية للحد من الخطر، وهذا ما يمكن أن يسهم في تحريك جهاز المناعة ويؤدي إلى ظهور مرض المناعة الذاتية".

 

 

وتابع، "على رغم ذلك هناك عوامل قد يكون من الممكن التركيز عليها للحد من الخطر، مثل تجنب التوتر قدر الإمكان وممارسة الرياضة والتركيز على نظام غذائي غني بالخضراوات والفاكهة التي لها أثر إيجابي في جهاز المناعة وتساعد في ضبطه بشكل أفضل، والتركيز بخاصة على الكركم الذي يلعب دوراً مهماً في الحفاظ على توازن جهاز المناعة وتعزيزه".

يشار إلى أن من يصاب بأي من أمراض المناعة الذاتية يخضع للمراقبة الطبية والمتابعة بمعدل مرتين في العام، كما أن ثمة أعراضاً معينة وعلامات يركز عليها الطبيب في مثل هذه الحالات، مثل الحمو المتكرر في الفم وآلام المفاصل والعضلات، والطفرة الجلدية غير المعتادة وظهور بقع غير كلاسيكية، والتهاب في العين وتجلطات في سن باكرة، وإزرقاق الأصابع لدى التعرض للبرد في ما يعرف بـ "متلازمة رينود"، إضافة إلى ظهور علامات الحروق في الوجه لدى التعرض إلى أشعة الشمس بسبب الحساسية، وهذه العلامات كلها تعكس خللاً في جهاز المناعة، ومن الضروري أن يخضع المريض إلى المراقبة للتأكد من عدم ظهور أي منها، خصوصاً المرأة لاعتبار أنها قد تكون أكثر عرضة للإصابة بأمراض عدة في الوقت نفسه أحياناً.

شارك الخبر: