أعلنت اللجنة الوطنيّة المستقلّة للانتخابات في موريتانيا الاثنين أعادة انتخاب الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني لولاية ثانية بحصوله على 56,12% من الأصوات، وفق النتائج الأولية.
وجاء خصمه الرئيسي الناشط بيرام الداه عبيدي في المركز الثاني مع 22,10% من الأصوات في الانتخابات التي جرت السبت، بحسب ما اعلن رئيس اللجنة في مؤتمر صحافي.
وحل حمادي ولد سيدي المختار، مرشح حزب "تواصل" الإسلامي، القوة المعارضة الرئيسية في الجمعية الوطنية، في المركز الثالث مع 12,78% من الأصوات.
وتظل هذه النتائج أولية إلى أن يتم اعتمادها من المجلس الدستوري الذي يتلقى الطعون من المرشحين الآخرين.
وأكد رئيس اللجنة الانتخابية خلال المؤتمر الصحفي قائلا: "بذلنا كل ما في وسعنا لتهيئة الظروف لإجراء انتخابات جيدة وحققنا نجاحا نسبيا".
الموريتانيون يقترعون في الانتخابات الرئاسية، فماذا نعرف عن المرشحين والتحديات التي تواجه الرئيس المقبل؟
موريتانيا: 6 منافسين للغزواني في سباق الانتخابات الرئاسية
وتمكن الرئيس الغزواني، الذي توقع المحللون فوزه في الجولة الأولى من الانتخابات، وهو قائد سابق للجيش، تمكن من إرساء الاستقرار منذ انتخابه لأول مرة قبل خمس سنوات، بعد عقود من الاضطرابات السياسية والانقلابات المتكررة.
وكان الغزواني حليفًا مع شركاء غربيين مثل فرنسا والولايات المتحدة، لكنه حافظ أيضا على علاقاته مع جيرانه بقيادة المجلس العسكري بما في ذلك مالي وبوركينا فاسو والنيجر، والتي تحولت باتجاه روسيا في السنوات الأخيرة.
وتجنبت موريتانيا إلى حد كبير حركات التمرد الإسلامية التي تؤثر على دول الساحل المجاورة.
"انقلاب انتخابي"
وقال عبيد يوم الأحد إنه لن يعترف بالنتائج ووصفها بأنها "انقلاب انتخابي".
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عنه قوله للصحفيين "لن نقبل هذه النتائج مما يسمى باللجنة الانتخابية المستقلة، سنستخدم لجنتنا الانتخابية لإعلان النتائج".
ويتحدر عبيد من عائلة عانت من العبودية، ولطالما كان مناهضاً صريحاً للعبودية المستمرة في البلاد، حيث يتنافس على الرئاسة للمرة الثالثة.
وقد احتل المركز الثاني في انتخابات 2019 التي فاز بها الغزواني أيضًا، وزعم هو وغيره من مرشحي المعارضة حدوث مخالفات في تلك الانتخابات، ما أدى إلى حدوث احتجاجات صغيرة النطاق.
وقبل انتخابات هذا العام، حذر المرشح الذي احتل المركز الثالث، حمادي ولد سيد المختار، من أن حزبه لن يقبل النتائج إذا اشتبه في حدوث تزوير، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية.
وبلغت نسبة المشاركة في الانتخابات نحو 55%، بحسب ما أعلنت لجنة الانتخابات على موقعها الرسمي.
ما أبرز التحديات التي تواجه الرئيس القادم؟
يواجه الرئيس القادم سلسلة من التحديات وأبرزها الاستمرار في نهج الديمقراطية بعيداً عن الانقلابات العسكرية ومشكلة الهجرة والهجمات الجهادية في البلدان المجاورة ومسألة العبودية.
وتبقى مسألة العبودية قضية حساسة في موريتانيا، التي كانت آخر دولة في العالم تحرّم العبودية في العام 1981.
وقد تم إلغاؤها في البلاد ثلاث مرات، ولكن الآلاف من الموريتانيين السود ما زالوا يعيشون كخدم في المنازل بدون أجر، بينما يواجه النشطاء المناهضون للعبودية القمع.
ووفقاً لتقديرات مؤشر العبودية العالمي في 2023، فإن ما يقدر بحوالي 149,000 شخص يرزحون تحت نير العبودية في موريتانيا- أي حوالي 3 في المئة من عدد السكان.
ويعد الفقر من التحديات الرئيسية التي تواجه الرئيس المقبل حيث إن قرابة 59 في المئة من السكان يعيشون في حالة فقر، بحسب الأمم المتحدة، على الرغم من أن البلاد تعتبر غنية بالموارد الطبيعية مثل الذهب والحديد والفوسفات وهي في طريقها لأان تصبح من الدول المنتجة للغاز الطبيعي.
وهناك مشكلة أخرى تواجه البلاد ويتعين على الرئيس القادم أن يعالجها وهي مشكلة الهجرة، حيث تعتبر موريتانيا نقطة عبور رئيسية للمهاجرين الساعين إلى الوصول إلى أوروبا.
وعلى الرغم من المساعدات التي حصلت عليها الحكومة الموريتانية من الاتحاد الأوروبي من أجل مواجهة هذه المشكلة، إلا أن آلاف القوارب محملة بالمهاجرين غادرت شواطئ البلاد العام الماضي.
والتحدي الأبرز الذي يواجه موريتانيا والرئيس القادم يتمثل في إبقاء البلاد بعيدة عن الهجمات التي تشنها حركات جهادية تتخذ من منطقة الساحل في غربي أفريقيا معقلاً لها.
وقد نجحت الحكومة حتى الآن في المحافظة على أمن البلاد، حيث لم تشهد موريتانيا أي عمليات جهادية مسلحة منذ العام 2011 على الرغم من الوضع الأمني المتدهور في بلدان مجاورة مثل مالي التي تشهد هجمات متكررة.
ويرى محللون أن قدرة موريتانيا على لعب دور مهم في الأمن الإقليمي تعتمد بدرجة كبيرة على انتقال السلطة السلمي الذي يقود إلى تشكيل حكوم مستقرة في البلاد.