قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، السبت، إن سيطرة إسرائيل على معبر رفح أنهت آخر فرص الفلسطينيين في غزة للهروب من الحرب، المتواصلة في القطاع منذ نحو ثمانية أشهر.
وسمحت إسرائيل لعشرات الآلاف من سكان غزة بالخروج عبر رفح خلال الأشهر الثمانية الماضية، وكان بعضهم في حالة حرجة أو جرحى.
ومر آخرون عبر شركة مصرية، مما سهل لهم المغادرة مقابل رسوم باهظة، فيما عملت دول أجنبية على إجلاء مواطنيها الذين يحملون جنسيات مزدوجة وأقاربهم.
لكن الهجوم الإسرائيلي على رفح، والذي يهدف إلى القضاء على ما تبقى من مسلحي حركة حماس، بدد أي أمل في الهروب لبقية المدنيين المرضى والجرحى في غزة، مع انهيار النظام الصحي وتحذير الأمم المتحدة من أن أكثر من مليون شخص قد يواجهون المجاعة بحلول منتصف يوليو المقبل.
وتشير الصحيفة إلى أن إغلاق معبر رفح كان بمثابة "حكم بالإعدام" بالنسبة لبعض الفلسطينيين العالقين.
من بين هؤلاء فداء غانم، 44 عاما، التي تم تشخيص إصابتها بسرطان الغدد الليمفاوية في أواخر فبراير.
يقول زوجها ماهر، 46 عاما، إن العلاج الإشعاعي والكيميائي الذي تحتاجه فداء لم يكن متوفرا في غزة، لذا أحالها الأطباء لتلقي العلاج الطبي في الخارج.
وبحلول منتصف مارس، حصلت فداء على دعم مالي من وزارة الصحة الفلسطينية في رام الله لتلقي العلاج في مصر، وفقا لوثيقة شاركتها العائلة مع الصحيفة.
كان اسم فداء مدرجا على قائمة المغادرة المعتمدة ليوم 7 مايو الماضي، بعد يوم من دخول الدبابات الإسرائيلية إلى رفح واستيلائها على المعبر.
وأكد ماهر أن زوجته حرمت من السفر وتلقي العلاج في مصر نتيجة لذلك.
أمضت فداء أسابيعها الأخيرة في مستشفى الأقصى في دير البلح، وهو الآن أكبر مستشفى عامل في غزة، على الرغم من أنه لم يكن بإمكانهم فعل الكثير، وفقا لزوجها.
وقال ماهر في مقابلة مع الصحيفة في 31 مايو إن "حالتها الصحية تتدهور والورم ينتشر. لا توجد رعاية طبية، حتى المسكنات التي تعطى لها ضعيفة وغير كافية لمريضة السرطان".
توفيت فداء وهي أم لخمسة أطفال في 4 يونيو الجاري، بحسب الصحيفة.وقدرت منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي أن هناك 14 ألف شخص في غزة بحاجة إلى الإجلاء لتلقي العلاج الطبي.
ولم تستجب وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الوكالة الإسرائيلية التي تتحكم في الحركة داخل وخارج القطاع، على الفور لطلب التعليق على قضية فداء، أو ما إذا كانت تخطط لتوفير طريق خروج بديل للمرضى والجرحى الفلسطينيين الآخرين.
وتجري الولايات المتحدة ومصر وإسرائيل محادثات لإعادة فتح المعبر، وهو أمر حيوي أيضا لإيصال المساعدات إلى القطاع، على الرغم من عدم إحراز تقدم يذكر، وفقا للصحيفة.
مصدر: اجتماع أميركي مصري إسرائيلي في القاهرة لبحث فتح معبر رفحنقلت قناة القاهرة الإخبارية عن مصدر رفيع المستوى أن اجتماعا ثلاثي مصري أميركي إسرائيلي يعقد غدا الأحد لبحث إعادة تشغيل معبر رفح في ظل تمسك مصر بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من المنفذ.
وقالت منظمة "جيشا" الحقوقية الإسرائيلية في وقت سبق إنها نجحت في الضغط من أجل مساعدة 18 مواطنا فلسطينيا على مغادرة غزة في أواخر مايو عبر معبر كرم أبو سالم، وهو معبر آخر في القطاع.
وبحسب الصحيفة فإنه حتى عندما كان معبر رفح مفتوحا، كان من الصعب الحصول على تصاريح العبور.
فلغاية 14 مايو، تلقت السلطات الإسرائيلية 12,760 طلبا لفلسطينيين للمغادرة لتلقي العلاج الطبي، جرت الموافقة فقط على أقل من نصفها، بحسب بسمة أكبر، مسؤولة الاتصالات في منظمة الصحة العالمية، التي تعمل مع وزارة الصحة في غزة لتسهيل الطلبات.
ووفقا لأرقام منظمة الصحة العالمية، فإن الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و60 عاما هم الأكثر احتمالا لرفض طلباتهم.
واحد من هؤلاء رجل يدعى عبد الله أبو صبيح يبلغ من العمر 40 عاما، أبلغ الصحيفة أنه أصيب بالشلل في مارس الماضي، عندما أصابت رصاصة قناص عموده الفقري بينما كان ينتشل جثث أقاربه القتلى من تحت أنقاض غارة جوية في جنوب غزة.
وأضاف أبو صبيح للصحيفة أنه حصل على إحالة طبية من مستشفى الهيئة الطبية الدولية في خان يونس، وكان يأمل في السفر في منتصف أبريل، لكن اسمه لم يظهر قط في قائمة الأشخاص الذين تمت الموافقة على عبورهم عبر رفح.
ولم تستجب وحدة "تنسيق أعمال الحكومة في المناطق" على الأسئلة المتعلقة بقضية أبو صبيح.
ومنذ ذلك الحين، ظل الأب لثلاثة أطفال محتجزا في مستشفى ميداني في الجنوب، وقال: "كل ما يمكنهم فعله هو التعامل مع التقرحات التي ظهرت على ظهري بسبب عدم قدرتي على الحركة".
وصف مسؤولون عسكريون إسرائيليون الاستيلاء على معبر رفح بأنه ضروري لتضييق الخناق على مسلحي حماس، والذي تستخدمه الحركة لتهريب الأسلحة وإجلاء المسلحين المصابين، وفقا للصحيفة.
ولكنه كان أيضا بمثابة مخرج للمدنيين اليائسين، حتى أولئك الذين لا يعانون من حالات طبية خطيرة.
وحتى أبريل، غادر حوالي 100 ألف فلسطيني غزة إلى مصر، بحسب دياب اللوح، سفير السلطة الفلسطينية في القاهرة.
تمكن العديد من الفلسطينيين من جمع التبرعات عبر الإنترنت لإضافتها لمدخراتهم من أجل تقديم طلب للمغادرة من خلال شركة "هلا للاستشارات والخدمات السياحية"، وهي شركة مصرية يقال إن لها علاقات وثيقة مع الأجهزة الأمنية في البلاد.
تقاضت "هلا" رسوم "تنسيق" تبلغ في المتوسط حوالي 5000 دولار لكل شخص بالغ و2500 دولار لكل طفل، من أجل تسجيل الأسماء في القائمة المصرية للأشخاص الذين تمت الموافقة على دخولهم.
ومع ذلك تبقى الكلمة الأخيرة للمسؤولين الإسرائيليين بشأن من يُسمح له بالخروج من القطاع، وفقا للصحيفة.
قبل إغلاق معبر رفح، كانت العائلات التي تقدمت بطلبات تراقب عن كثب منشورات الشركة على وسائل التواصل الاجتماعي لمعرفة من تمت الموافقة على مغادرته في اليوم التالي.
وتشير الصحيفة إلى أن الأسر التي أكملت العملية المعقدة والمكلفة أصبحت الآن في طي النسيان.
تعرض منزل خليل الخطيب في رفح لغارة جوية في وقت مبكر من الحرب، مما أسفر عن مقتل والدته وشقيقه وإصابة أخته بجروح بالغة، وتم إجلاؤها إلى مصر لتلقي العلاج الطبي.
وفي منتصف أبريل، ومع اقتراب الهجوم الإسرائيلي على رفح، دفع الخطيب 17500 دولار لتسجيل نفسه وزوجته وأطفاله الثلاثة لدى شركة "هلا".
فرت العائلة إلى دير البلح وسط غزة، قبل بدء القتال، لكنها كانت تخطط للعودة إلى رفح والوصول إلى مصر.
وقال الخطيب للصحيفة إنه و"بدلا من السفر، أبحث الآن فقط عن الأمان".
يمكن للخطيب التقدم بطلب لشركة "هلا" من أجل استرداد الأموال، لكنه لا يريد المخاطرة بفقدان مكانه في الطابور "على أمل إعادة فتح المعبر".
ولم تستجب شركة "هلا" لطلب أرسلته صحيفة "واشنطن بوست" من أجل التعليق.