خاص | النقار
حسنا، فماذا بعد؟! لا شيء سوى المزيد من الاعتقالات. فهذه الفورة الأخيرة التي شملت موظفين بالعشرات في هيئات ومكاتب الأمم المتحدة وفي المنظمات العاملة تحت سلطة أنصار الله خلال الأيام الثلاثة الماضية هي التجلي الحقيقي لعملية الكشف المستمرة منذ عشر سنوات على الأقل عن العملاء والجواسيس والخلايا الأمريكية الإسرائيلية المعادية. فمن تم اعتقالهم خلال الأيام الثلاثة الأخيرة كانوا هم شبكة الجواسيس. أما لماذا الآن فقط تم اكتشافهم فذاك سؤال يظل من دون جواب.
كان المتوقع وبحسب الكلام الذي طرحه عضو السياسي الأعلى سلطان السامعي في حواره مع قناة اليمن اليوم بصنعاء أن يتم الكشف عن أسماء مسؤولين كبار في سلطة صنعاء بأنهم هم أولئك الجواسيس، خصوصا وأنه تحدث بلغة الواثق عن اختراق كبير لتلك السلطة من قبل أجهزة استخبارات عالمية، فهل كان هؤلاء المعتقلون هم الجواسيس الذين تحدث عنهم السامعي؟
بحسب البيان الذي خرجت به الأجهزة الأمنية فإنه
"وبعد خروج السفارة الأمريكية من صنعاء مطلع العام 2015م، استمرت عناصر الشبكة التجسسية بتنفيذ ذات الأجندة التخريبية تحت غطاء منظمات دولية وأممية، رافعين شعارات العمل الإنساني للتستر على حقيقة أنشطتهم التجسسية والتخريبية".
حسنا، كيف صبرت هذه الأجهزة الأمنية اليقظة تسع سنوات بأكملها على أولئك الجواسيس ولم تقم باعتقالهم؟ وإذا لم تكن قد اكتشفتهم طوال هذه الفترة، فكيف تريد أن تجعل منه إنجازا نوعيا الآن.
فقرة أخرى من البيان تقول: "عملت شبكة التجسس الأمريكية الإسرائيلية، على استقطاب الكثير من الشخصيات، والتنسيق للزيارات إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك للتأثير عليهم أو إسقاطهم وتجنيدهم للعمل مع المخابرات الأمريكية"، فأي زيارات إلى أمريكا تم تنظيمها يا ترى في العشر السنوات الأخيرة من عمر صنعاء في ظل حكم جماعة أنصار الله؟!
مقتطفات أخرى من البيان:
- شبكة التجسس نفذت عمليات تقنية تجسسية مباشرة لصالح مخابرات العدو للحصول على معلومات سرية سيادية
- شبكة التجسس الأمريكية الإسرائيلية قامت بالتنصت على خصوصيات المجتمع اليمني وتسخيرها في صالح مخططاتها العدائية
- شبكة التجسس زودت الـ CIA والموساد الإسرائيلي منذ عقود بمعلومات عسكرية وأمنية بالغة الأهمية والسرية والخطورة
- بعد انتصار ثورة الـ 21 من سبتمبر ومغادرة السفارة الأمريكية لصنعاء استمرت الشبكة في تنفيذ أدوار تخريبية
- الشبكة جمعت لأجهزة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية معلومات محدودة التداول عن الموازنة العامة للدولة
- الشبكة جمعت لأجهزة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية الخطط والسياسات المعتمدة لحكومة الإنقاذ
- شبكة التجسس الأمريكية الإسرائيلية سعت لكشف مصادر التمويل للجبهات العسكرية لأجهزة مخابرات معادية
- شبكة التجسس الأمريكية الإسرائيلية أدارت أنشطة استخباراتية تستهدف القدرات العسكرية والتصنيعية للقوات المسلحة اليمنية
- الشبكة عملت على رصد التحركات العسكرية والقدرات الاستراتيجية ورفع الإحداثيات وعمل كل ما من شأنه تحقيق أهداف العدو
- الشبكة ركّزت على إفشال الهيئات البحثية الزراعية ومراكز إكثار البذور وجندت عدداً من الجواسيس بوزارة الزراعة
- شبكة التجسس عملت على تنفيذ مخططات أمريكية من خلال إنتاج وإكثار الآفات الزراعية والسعي لضرب الإنتاج المحلي
- الشبكة عملت على تنفيذ مشاريع وبرامج تستهدف المجال الصحي وتسهم في نشر الأمراض والأوبئة في مختلف المحافظات اليمنية
- شبكة التجسس الأمريكية الإسرائيلية نفذت مخططات تدميرية للعملية التعليمية ودورها الهادف، وفصلت التعليم عن البناء والتنمية
- شبكة التجسس شاركت في تنفيذ مخططات تستهدف الهوية الإيمانية للشعب اليمني وقيمه وعاداته الأصيلة
- شبكة التجسس الأمريكية الإسرائيلية سعت لنشر الرذيلة والتفسخ وإدارة بؤر للإفساد الأخلاقي
كل هذه المهام وغيرها لم يحدث منها شيء على أرض الواقع، فالتنصت على خصوصيات المجتمع يحدث فقط إن قررت سلطة صنعاء ذلك لمصلحة الدولة العتيدة. أما الموازنة العامة للدولة فلم يسمع أحد بها منذ سنوات وبالتالي هي في الحفظ والصون، وأما خطط حكومة الإنقاذ فهي من السرية بحيث لا وجود لحكومة أصلا قكيف بوجود خطط لها. فهي منذ ما يقرب من السنة وهي تراوح مكانها كحكومة تصريف أعمال بلا أعمال ولا تصريف حتى. وأما إفساد المجتمع أخلاقيا فهيئة الأمر بالمعروف قد أغلقت محلات البالطوهات وفصلت التعليم الجامعي ومنعت الاختلاط فلا خوف. كل الخوف كان فقط في الجانب الزراعي، لكن بفضل الجهود المخلصة من قبل رئيس المجلس السياسي الأعلى شخصيا وحرصه الشديد على الأمر فقد قام بتحريز كل أصناف المبيدات وجعلها في يد التاجر دغسان أحمد دغسان وإخوانه ومؤسستهم بحيث لا خوف على المجتمع وزراعته، فهم في أيد أمينة. فالآفات الزراعية والمبيدات الإسرائيلية تتحول على يد دغسان إلى بركة للتربة وبردا وسلاما على أرواح المواطنين. أما مالكو الشركات النفطية والتجارية والمصرفية فلم يعد هناك منهم سوى القليل من غير المحسوبين على الجماعة وقد يسلمون الأمر لمحمد عبد السلام فليتة وعلي ناصر قرشة وبقية تجار صعدة المؤمنين من قيادات الجماعة.
وهكذا الأمر بالنسبة لكل تلك النقاط، التي نسي البيان الإشارة إلى مسألة أن أيا منها لو تحقق على أرض الواقع لكانت سلطة الأنصار قد تلاشت وأصبحت في خبر كان.
هذا البيان الإنشائي بحسب الكثيرين أقل ما يمكن وصفه بالهزيل، فهو فقط جاء كهروب من قبل الجماعة عن مواجهة تداعيات قرارات بنك عدن التي لم يتطرق إليها كونها هي أيضا ضمن برنامج عمل الشبكة التجسسية الصهيونية الأمريكية. وبالتالي الغرض من كل تلك الزوبعة هو فقط مداراة سوأة بدأت تتكشف وتنفضح بلا حدود، حسب كثير من المعلقين على البيان.