• الساعة الآن 02:58 AM
  • 15℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

ما تداعيات مقتل جندي مصري عند معبر رفح؟

news-details

 

لقي أحد أفراد قوات الأمن المصرية حتفه في إطلاق نار قرب معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة، حسبما أعلن متحدث باسم الجيش المصري في بيان الإثنين.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي بأنه يحقق في تقارير عن تبادل لإطلاق النار بين جنوده وآخرين مصريين. مضيفا في بيان: "قبل ساعات قليلة (اليوم الإثنين)، وقع حادث إطلاق نار على الحدود المصرية. الحادث قيد المراجعة، وهناك مناقشات جارية مع المصريين".

لاحقا، قال مصدر رفيع المستوى لقناة القاهرة الإخبارية إن مصر تحذر من المساس بأمن وسلامة عناصر التأمين المصرية المنتشرة على الحدود. مضيفا: "تم تشكيل لجان تحقيق للوقوف على تفاصيل الحادث لتحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكراره مستقبلا".

 

ما حيثيات الحادثة؟

تابع نفس المصدر بأن التحقيقات الأولية أظهرت أن رجال الأمن المصريين تصدوا لتبادل إطلاق نار "بين عناصر من قوات الاحتلال الإسرائيلي وعناصر من المقاومة الفلسطينية... أدت إلى إطلاق النيران في عدة اتجاهات وقيام عنصر التأمين المصري باتخاذ إجراءات الحماية والتعامل مع مصدر النيران".

كذلك، قال مصدران أمنيان مصريان إن جنديا مصريا كان متمركزا في برج مراقبة بادر بإطلاق النار عندما شاهد قوة أمنية إسرائيلية على متن مركبة مدرعة تخترق النقطة الفاصلة على الحدود بينما كانت تطارد فلسطينيين وتقتل مجموعة منهم. وأضاف المصدران أن القوة الإسرائيلية ردّت عليه بقذيفة أسفرت عن مقتله، وتلا ذلك قيام مجموعة من الجنود المصريين بتبادل إطلاق النار مع القوة الإسرائيلية وإصابتهم لعدد من أفرادها قبل أن تتراجع للخلف. وذكر المصدران أيضا بأن جنديا مصريا ثانيا أصيب في تبادل إطلاق النار، وفق ما نقلت وكالة رويترز.

وكانت الدولة العبرية قد سيطرت على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي مع مصر في وقت سابق هذا الشهر بينما كثفت هجومها العسكري في المنطقة، ما أثار انتقادات القاهرة التي تشعر بالقلق من احتمال نزوح الفلسطينيين من جنوب غزة بسبب الهجوم. كما اتهمت إسرائيل مرارا بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وهو ما تنفيه تل أبيب.

 

حوادث أمنية نادرة

ووقعت مصر وإسرائيل معاهدة سلام عام 1979 وتعاونتا بشكل وثيق في القضايا الأمنية الخاصة بالحدود بين الدولة العبرية وشبه جزيرة سيناء المصرية وقطاع غزة.

وتفرض تل أبيب حصارا على غزة منذ سيطرة حماس على القطاع في 2007 بينما تشدد مصر الإجراءات على الحدود. وتعد الحوادث الأمنية بين البلدين نادرة الحدوث.

ففي أكتوبر/تشرين الأول 2023، وبعد أسبوعين من بدء الحرب في غزة، قالت إسرائيل إن إحدى دباباتها أصابت بطريق الخطأ موقعا مصريا قرب الحدود مع غزة، فيما قالت مصر إن عددا من أفراد حرس حدودها أصيبوا بجروح طفيفة.

وفي يونيو/حزيران 2023، قُتل ثلاثة جنود إسرائيليين وفرد أمن مصري في اشتباك على الحدود.

لتسليط الضوء أكثر على الحادثة وتداعياتها، أجرت قناة فرانس 24 حوار مع د. قاصد محمود خبير عسكري واستراتيجي من العاصمة الأردنية عمان.

فرانس24: كيف نفسر الاشتباك بين الجيش المصري والإسرائيلي؟

د. قاصد محمود: أعتقد أن هذا الحادث طبيعي وكان من المتوقع أن يحدث في الأساس. حيث إن الوضع الميداني في جنوب غزة يشهد شنّ الجيش الإسرائيلي عدوانا كبيرا في جغرافيا، هي في الأصل منطقة لا يجوز له دخولها بمثل هذا العديد من القوات دون التنسيق المسبق مع مصر بموجب اتفاقيات دولية سابقة، لدينا هنا اتفاقية كامب ديفيد وملحقاتها وأيضا اتفاقيات المعابر وما إلى ذلك. يخترق الجيش الإسرائيلي هذه الاتفاقيات وينتشر بطريقة مستفزة.

ثم إن وجود الجيشين المصري والإسرائيلي على مسافة أرضية قريبة لا تتجاوز المائتين إلى ثلاثمائة متر أيضا يشكل وضعا صعبا جدا. لا ننسى أن من طبيعة الجندي الإسرائيلي أنه مستفز وتصدر عنه تصرفات مستفزة. وبطبيعة الجندي العربي والمصري أيضا أنه ينفعل ويتأثر، وهذا واقع موجود. لكن يبقى هذا الحادث فرديا وسبق أن وقع.

 

ما تداعيات مقتل الجندي المصري؟

من الممكن أيضا توظيف الحادث والاستفادة منه سياسيا وفقا للسياسة المصرية، وقد يقال إن هذا إنذار لنا جميعا، وسيستغل كورقة ضغط إضافية على إسرائيل، علما بأن مصر تمتلك أوراقا للضغط أكبر من ذلك بكثير. لا أرى أن هذا الحدث قد يؤدي إلى تطورات خطيرة إلا على المستوى الفردي قد يدفع جنودا آخرين ويزيد من شعلة الغضب في نفوس الجنود المصريين تحديدا، ويزيد من شحنة الادعاء والغرور وغطرسة الجنود الإسرائيليين.

في الواقع، إذا لم يتم إيجاد مخرج واضح لهذا الوضع ودفع إسرائيل إلى التراجع والابتعاد خارج المنطقة المحددة والتي يمنع الانتشار فيها سوى بالتنسيق مع الجانب المصري، ستبقى فرصة وقوع مثل هكذا حوادث واردة. عموما، يجب ألا ننظر إلى أن ما وقع هو حدث كبير قد يؤدي إلى تغيير في مجرى الأحداث.

 

كيف سترد مصر وهل من خطر على اتفاقيات السلام؟

بالنسبة إلى الموقف المصري من هذا الحادث، فهو يقوم على أساس معالجة تخضع لمقاربة سياسية متأنية ومبنية على مواقف لا أكثر ولا أقل. بالنسبة للتصريحات، لم يكن هناك مواقف خشنة أو ممكن أن يكون لها دور مؤثر بمحاولة منع أو على الأقل التوصل إلى نتائج مرضية فيما يخص هكذا حوادث. لكن هناك رد فعل الناس العاديين أي أفراد الشعب والجيش في مصر، وهذا شيء طبيعي جدا.

على الأرجح ستتم معالجة الحادثة من خلال الرؤية العامة، فطالما أن المقاربة المصرية ليس واضحا أنها ستواجه هذا الاختراق الإسرائيلي بوسائل خشنة، أعتقد أننا سنبقى في نفس المربع وسيتم تجاوز الحادث من خلال الاتصالات وتنسيق معين. من الواضح أيضا من خلال ردود الفعل الأولية وتبادل الاتهامات بمن أطلق النار أولا، أنه سيتم تجاوز الموضوع وإنهاؤه بطريقة هادئة على الأغلب.

أظن أن هذا الحادث لن يؤثر لا على اتفاقية السلام ولا على مسار الحرب في غزة والعدوان على رفح، بل أن المعطيات التي تؤثر على ما يجري في القطاع تعتمد فقط على ما تقوم به حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) ميدانيا، لكن أيضا من جهة أخرى الضغوطات الأمريكية على إسرائيل، إلى جانب الضغط الداخلي.

بالنسبة إلى الاتفاقيات بين مصر وإسرائيل فهي أيضا ترتبط بتفاهمات على الأرجح موجودة سابقا. وأكثر ما يمكن أن تقوم به السلطات المصرية هو امتصاص غضب الشارع. لكن قد يكون هناك تبعات داخلية في مصر بسبب هذا الموضوع وهذا وارد جدا، لكنها تبقى على مستوى بعيد من الخطورة، أرجح أن ما حدث سيمضي بروية وهدوء دون أية تداعيات حقيقية.

شارك الخبر: