شكل يوم الرابع عشر من مايو عام 1948 انعطافة في تاريخ الفلسطينيين الذين صدموا بإعلان ديفيد بن غوريون، زعيم الحركة الصهيونية، قيام دولة إسرائيل. وأطلق العرب على هذه اللحظة اسم "النكبة".
منذ 76 عاما، يحتفل الإسرائيليون بيوهم التاريخي، فيما يستذكر الفلسطينيون والعرب نكبتهم التي جاءت تعبيرا عن مأساة تهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني من مدنهم وقراهم إلى دول مجاورة، وإلى الضفة الغربية وقطاع غزة.
حدث واحد وروايتان
الحدث واحد، لكن بروايتين، اليهود يؤرخون لقيام إسرائيل في 14 مايو 1948، على "أرض الآباء والأجداد"، والتي حظيت باعتراف فوري من أكبر دولتين في العالم حينها، الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي. والثانية، النكبة حيث يؤرخ العرب أن الخامس عشر من مايو ذات العام، هو يوم النكبة حيث سلبت العصابات الصهيونية أرض فلسطين، وهجرت أهلها.
قبل أن يصل الطرفان إلى هذا اليوم، كانت الأمم المتحدة قد طرحت عام 1947، حلا يقسم الأرض إلى دولة عربية تعيش جنبا إلى جنب مع دولة يهودية.
رحب اليهود بالحل، أما العرب فقد رفضوه، وقررت الجامعة العربية تزويد الفلسطينيين بالسلاح، وشكلت اللجنة العسكرية الفنية التي تشرف على هذه المهمة.
أصدرت اللجنة العسكرية تقريرا يؤكد تعاظم قوة العصابات الصهيونية، وسط غياب تام لأية قوة عسكرية فلسطينية منظمة. وأوصى التقرير بتعبئة عربية لمواجهة الأمر.
قرر العرب تشكيل "جيش الإنقاذ" الذي أوكلت قيادته إلى الضابط السوري، فوزي القاوقجي، ليتولى المشاركة في حرب تحرير فلسطين وطرد العصابات الصهيونية.
كانت بريطانيا قد أعلنت الانسحاب بتنسيق مع العصابات الصهيونية. وقرر اليهود التحرك فورا بعد خروج القوات البريطانية من فلسطين في 14 مايو 1948، وسيطروا على مساحات واسعة من فلسطين، ثم أعلنوا قيام الدولة.
بعد أقل من 24 ساعة من إعلان استقلال إسرائيل، تدخل "جيش الإنقاذ" المكون من جيوش مصر والأردن وسوريا ولبنان والعراق والسعودية لاستعادة البلاد. واشتبكت مع عصابات الهاغاناة وشتيرين وآرغون والبالماخ.
يطلق الإسرائيليون على هذه المواجهة "حرب الاستقلال"، والعرب أسموها "حرب تحرير فلسطين"، أو "حرب النكبة" أو "حرب 1948".
تقول إسرائيل إن الحرب كلفتها أكثر من 6000 شخص، وهو ما شكل واحد بالمئة من عدد اليهود في فلسطين.
وتقول القوات الأردنية إنها بدأت المواجهة يوم 15 مايو عام 1948 مع القوات اليهودية. وكانت القوات الأردنية مكونة من فرقة مشاة لها 3 ألوية وعددها 4500 عنصر.
أما القوات الإسرائيلية فقد كان عددها قد جاوز 62 ألف عنصر مكونين من العصابات الصهيونية وعناصر متحالفة معها من البريطانيين.
نتيجة لتطور الأحداث في فلسطين وبناء على رغبة العاهل الأردني، عبد الله الأول، قررت الدول العربية إرسال قوات عربية إلى فلسطين، ودخل الجيش العربي الأردني إلى فلسطين يوم 15 مايو مع الجيوش العربية، وتحرك من جنين باتجاه العفولة وتحرك قسم منه من جسر المجامع على نهر الأردن نحو بيسان، العفولة.
وتكون جيش الإنقاذ العربي من ثمانية أفواج هي، فوج اليرموك الأول (500 فرد). وفوج اليرموك الثاني (430 فردا)، وفوج اليرموك الثالث (250 فردا)، .وفوج حطين (500 فرد)، وفوج الحسين (500 فرد)، وفوج جبل الدروز (500 فرد)، وفوج القادسية (450 فردا)، و4 سرايا مستقلة مكونة من 450 فردا.
خلال الأشهر الأولى من عام 1949، جرت مفاوضات مباشرة تحت رعاية الأمم المتحدة بين إسرائيل والدول العربية المشاركة في الحرب، باستثناء العراق الذي رفض التفاوض مع إسرائيل، وتوصلت الأطراف إلى اتفاقيات هدنة لإنهاء القتال.
النصر والهزيمة
نجحت إسرائيل في السيطرة على مناطق السهل الساحلي والجليل وصحراء النقب، فيما بقيت الضفة الغربية تحت الحكم الأردني، وقطاع غزة تحت الإدارة المصرية.
أما القدس، فقد قسمت إلى جزء شرقي يسيطر عليه الجيش الأردني يشمل البلدة القديمة، فيما سيطرت إسرائيل على الجزء الغربي من المدينة.
سار العدوان اللدودان، الدول العربية وإسرائيل، في مسارين متناقضين. كانت إسرائيل منتشية بالنصر في الحرب، فيما غرق العرب في أطروحات أسباب الهزيمة، ومنهم من وصف ما حدث بـ "المؤامرة".
في ذلك الوقت، كثفت إسرائيل جهودها لبناء الدولة بدعم غربي. وانعقد أول برلمان إسرائيلي (كنيست) من 120 عضوا أفرزتهم انتخابات جرت في 25 يناير 1949.
في ذلك الوقت لمع اسم شخصيتين، ديفيد بن غوريون، رئيس الوكالة اليهودية، الذي أصبح أول رئيس وزراء لإسرائيل. وحاييم وايزمن، رئيس المنظمة الصهيونية العالمية، انتخبه الكنيست أول رئيس لإسرائيل.
في 11 مايو 1949، ضمنت إسرائيل مقعدها في الأمم المتحدة، وأصبحت العضو التاسع والخمسين في المنظمة الدولية.
بعد الهدنة، بدأ العرب في لملمة جراحهم، وبدأت الخلافات تظهر بشأن من يتحمل مسؤولية الهزيمة. وفي كتابه بعنوان "كارثة فلسطين"، يوثق، عبد الله التل، قائد معركة القدس في الجيش الأردني مذكراته عن الحرب، مؤكدا أن ما حدث "مسرحية"، لأن الحرب العربية هدفت إلى "تسليم فلسطين"، واتهم التل القيادات العربية بـ "التآمر".
"تجمع المنفيين"
في ذلك الوقت، كانت إسرائيل تعمل بقوة لتطبيق الفكرة التي أقيمت من أجلها "الوطن القومي لليهود"، ووفقا لمفهوم "تجمع المنفيين"، فتحت الحكومة أبواب البلاد للمهاجرين اليهود من كل مكان في العالم.
كل يهودي دخل البلاد حصل على الجنسية الإسرائيلية فورا. وتقول المصادر الإسرائيلية إنه في الأشهر الأربعة الأولى من الاستقلال، وصل نحو 50 ألف وافد جديد، معظمهم من الناجين من المحرقة، إلى شواطئ إسرائيل.
وبحلول نهاية عام 1951، وصل إجمالي 687 ألف رجل وامرأة وطفل، أكثر من 300 ألف منهم لاجئون من الأراضي العربية إلى إسرائيل، مما ضاعف عدد السكان اليهود.
سيناء 1956
رغم أن العرب أقروا بالهزيمة، وتمكنت إسرائيل من تثبيت وجودها بدعم غربي، لم تغب التوترات الأمنية والعسكرية عن المشهد في المنطفة، خاصة عام 1956، وما بات يعرف بـ "العدوان الثلاثي" على مصر.
تقول إسرائيل إن منع السفن الإسرائيلية والأخرى المتجهة إلى إسرائيل من المرور عبر قناة السويس،؛ وحصار مضيق تيران وهجمات الجماعات العربية دفعها إلى التحرك.
رأت إسرائيل في إنشاء مصر وسوريا والأردن تحالفا عسكريا في أكتوبر 1956، تهديدا جديا لأمنها، وفي حملة اسمرت 8 أيام، استولى الجيش الإسرائيلي على مناطق في غزة وشبه جزيرة سيناء بأكملها، وتوقف على بعد 16 كم شرق قناة السويس، واتهمت إسرائيل حينها بتنفيذ "مجزرة خان يونس" في الثالث من نوفمبر عام 1956.
لكن سرعان ما تم احتواء الأمر، وأصدرت الأمم المتحدة قرارا بنشر قوة طوارئ تابعة للأمم المتحدة (UNEF) على طول الحدود المصرية الإسرائيلية، وقدمت مصر ضمانات بحرية الملاحة في خليج إيلات.
وافقت إسرائيل على الانسحاب على مراحل من نوفمبر 1956 إلى مارس 1957، من المناطق التي احتلتها.
حرب 1967
عاد التوتر ليسود المشهد، وأقلقت التحركات العسكرية المصرية في سيناء إسرائيل.
نقلت مصر أعدادا كبيرة من قواتها إلى صحراء سيناء، وأمرت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بالخروج من المنطقة.
شعرت إسرائيل أن الدول العربية المجاورة تخطط لأمر ما، فاستبقت الأمر بضربة في الخامس من يونيو 1967 ضد مصر في الجنوب، أعقبها هجوم مضاد على الأردن في الشرق، وكما انقضت على القوات السورية المتمركزة في هضبة الجولان في الشمال وهزمتها.
دام القتال 6 أيام، وأدى إلى توسيع إسرائيل خطوط وقف إطلاق النار السابقة بخطوط جديدة، حيث أصبحت الضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية ومرتفعات الجولان السورية تحت سيطرة إسرائيل.
ازدا الأمر تعقيدا، واجتمع العرب في قمة الخرطوم، في أغسطس 1967، وأكداو على "اللاءات الثلاثة"، " لا سلام مع إسرائيل، ولا تفاوض مع إسرائيل، ولا اعتراف بإسرائيل".
في سبتمبر 1968، بدأت مصر "حرب الاستنزاف"، مع أعمال متفرقة وثابتة على طول ضفاف قناة السويس، والتي تصاعدت إلى قتال واسع النطاق، مما تسبب في خسائر فادحة في كلا الجانبين.
انتهت الأعمال العدائية في عام 1970، عندما قبلت مصر وإسرائيل تجديد وقف إطلاق النار على طول قناة السويس.
حرب 1973
في السادس من أكتوبر عام 1973، فاجأت القوات المصرية والسورية إسرائيل. فقد عبرت القوات المصرية قناة السويس، في وقت اخترقت فيه القوات السورية مرتفعات الجولان.
دخلت الأطراف المتصارعة في مفاوضات معقدة أفضت إلى اتفاقيات فض الاشتباك، التي انسحبت إسرائيل بموجبها من أجزاء من الأراضي التي احتلتها خلال الحرب.
حرب لبنان 1982
في يونيو 1982 حاولت جماعة فلسطينية بقيادة أبو نضال اغتيال سفير إسرائيل لدى بريطانيا، شلومو أرغوف، فأصيب بجروح بالغة الخطورة، وبقي قيد العلاج الطبي في المستشفى حتى وفاته عام 2003.
رأت إسرائيل أن الرد الأنسب هو الهجوم على قواعد منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان. بدأت إسرائيل الهجوم الذي أطلقت عليه اسم "عملية سلامة الجليل" باستهداف جنوبي لبنان، وتقول إسرائيل إن عمليتها توسعت لتشمل الوصول إلى بيروت مما شكل نقطة تحول إلى حرب طويلة.
وتضيف أن الحرب أخفقت في تحقيق هدفها الرئيسي. وتم توقيع معاهدة سلام مع لبنان، ولكنه لم يتم إقرارها إذ كان ضعف الحكومة المسيحية في لبنان قد أدى إلى سقوطها.
كانت إسرائيل تعرف أن القوات السورية نشطة في الأراضي اللبنانية، وتقف وراء عمليات ضدها، ليس في هضبة الجولان حيث تتقيد باتفاقية فصل القوات، وإنما في لبنان نفسه.
قررت حكومة الوحدة الوطنية الإسرائيلية المشكلة عام 1984 إلى الانسحاب من لبنان. وبقيت في لبنان قوة رمزية بهدف مساعدة سكان الجنوب اللبناني في مراقبة المنطقة الأمنية.
الانتفاضة الفلسطينية
في ديسمبر 1987 اندلعت الانتفاضة الفلسطينية، ووضعت الحكومة الإسرائيلية على عاتق جيشها التصدي لها في الضفة الغربية وقطاع غزة.
انتشر الجيش الإسرائيلي بكثافة في المدن والتجمعات السكانية الفلسطينية، وباتت مظاهر المواجهات طاغية بين الجيش الإسرائيلي الذي كان يستخدم الرصاص الحي وقنابل الغاز من جهة، والشباب الفلسطيني الذي كان يستخدم الحجارة من جهة أخرى. وأطلق على هذه الاحتجاجات "انتفاضة الحجارة".
كان للانتفاضة الفلسطينية أثر كبير على الجهود الدولية في التحرك من أجل إيجاد صيغة للتوافق على حل جذري للصراع العربي الإسرائيلي. وكانت الولايات المتحدة تقود جهودا حثيثة للتوصل إلى اتفاق سلام عادل وشامل بين الطرفين.
كانت إسرائيل ترى أن السلام مع مصر مستقر، أما الأردن فكان الملك الراحل، الحسين بن طلال، حريصا على ألا تستخدم أراضي المملكة لأية أعمال عسكرية. وبقي الحذر الإسرائيلي مركزا على الجبهة السورية، إذ كانت ترى أن دمشق لا تزال تشكل خطرا على أمنها.
اختفالات في تل أبيب بيوم استقلال إسرائيل
هذا الوضع كان قد سبقه توجيه إسرائيل ضربة جوية دقيقة للمفاعل النووي العراقي عام 1981 ودمرته بشكل كامل. فقد كانت إسرائيل واثقة من أن بغداد اقتربت من امتلاك قنبلة نووية.
وحين انتهت الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت 8 سنوات، وجه الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، اهتمامه إلى القضية الفلسطينية، وبدأ في إرسال رسائل تهديد لإسرائيل، بلغت ذروتها في قضف إسرائيل بالصواريخ بعد أن احتل الكويت، وهو ما دعم موقفه في الشارع العربي.
وفي مايو عام 2000 سحبت إسرائيل قواتها من المنطقة الأمنية في جنوب لبنان. إلا أن لبنان لم يلتزم بقراري مجلس الأمن الدولي رقم 425 و1559 المتعلقين بتفكيك حزب الله ونشر الجيش اللبناني في جنوب لبنان.
ظلت الجبهة اللبنانية ساحة قتال ساخنة بين إسرائيل وحزب الله حتى اليوم، وأعنفها ما شهدته المنطقة عام 2006 من اختطاف حزب الله جنديين إسرائيليين وقصف المدن الشمالية لإسرائيل، وهو ما أشعل حربا عنيفة بين الطرفين.
انتهى القتال في أغسطس 2006 وأصدر مجلس الأمن القرار رقم 1701، الذي يدعو إلى إطلاق سراح الجنود الإسرائيليين الأسرى من دون شروط، ونشر قوات اليونيفيل والجنود اللبنانيين في جميع أنحاء جنوب لبنان، وفرض حظر على الأسلحة المقدمة إلى الجماعات المسلحة اللبنانية..
جبهة غزة
انسحبت إسرائيل من قطاع غزة وأربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية عام 2005، تلا ذلك فوز حركة حماس الفلسطينية بانتخابات المجلس التشريعي عام 2007.
الخلافات الفلسطينية- الفلسطينية أدت إلى سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، فيما بقيت الضفة الغربية تحت سيطرة السلطة الفلسطينية.
دخلت إسرائيل وحماس في مواجهات وحروب متعددة خلال السنوات الماضية، أعنفها هجوم السابع من أكتوبر 2023، والذي تمكنت فيه عناصر حماس من اختراق السياج الحدودي مع إسرائيل وقتل 1200 إسرائيلي، واحتجاز مئات اقتادتهم إلى القطاع.
على الفور أعلنت حكومة بنيامين نتانياهو الحرب على حركة حماس، لاستعادة المختطفين وتدمير القوة العسكرية للحركة الفلسطينية.
وخلال 7 أشهر من الحرب، قتلت إسرائيل أكثر من 35 ألف فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال وفقا لوزارة الصحة في غزة. كما دمرت البنية التحتية لقطاع غزة، ونزح نحو مليون و200 ألف فلسطيني من شمال ووسط قطاع غزة إلى رفح في الجنوب، وسط ظروف إنسانية قاسية، فيما خيم شبح المجاعة على المشهد. وهذا الأمر دفع إلى خروج احتجاجات شعبية في مختلف أنحاء العالم للتنديد بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
بعد 76 عاما.. هل هناك أمل؟
بالعودة إلى نقطة البداية، عام 1947 تحديدا، طرحت فكرة حل الدولتين (يهودية وعربية)، ووافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1947 على خطة لتقسيم فلسطين، وفرض حكم دولي على القدس.
ووافق زعماء اليهود على الخطة التي تمنحهم 56 بالمئة من أراضي فلسطين. ورفضت الجامعة العربية هذا الاقتراح. ومنذ ذلك التاريخ تضغط الولايات المتحدة من اجل حل الدولتين.
بعد هزيمة صدام حسين في حرب الخليج الأولى، تصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحق رابين، والرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، زعيم منظمة التحرير الفلسطينية، عام 1993، في إطار اتفاقات أوسلو التي منحت الفلسطينيين حكما ذاتيا محدودا على أن يتحول إلى دولة مستقلة بعد 5 سنوات. وفي عام 1994، وقعت إسرائيل معاهدة سلام مع الأردن.
اتفقت الولايات المتحدة ودول أوروبا ودول عربية على التركيز على جهود السلام بين الطرفين، لإنهاء سنوات الصراع.
شارك الرئيس الأميركي، بيل كلينتون، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود باراك، وعرفات في قمة كامب ديفيد عام 2000، لكنهم لم يتمكنوا من التوصل لاتفاق سلام نهائي.
عام 2000، أججت زيارة أرئيل شارون لباحات الأقصى انتفاضة ثانية كانت الأعنف، اجتاحت خلالها إسرائيل مدن الضفة وقوضت صلاحيات السلطة الفلسطينية، وقتل فيها أكثر من 2500 فلسطيني.
وفي عام 2002، عرضت خطة للجامعة العربية على إسرائيل إقامة علاقات طبيعية مع جميع الدول العربية مقابل الانسحاب الكامل من الأراضي التي استولت عليها في حرب 1967، وإقامة دولة فلسطينية "وحل عادل" للاجئين الفلسطينيين. لكن حماس فجرت فندقا إسرائيليا كان يغص بناجين من المحرقة في عيد الفصح اليهودي، لتلقي هذه الواقعة بظلالها على الخطة.
وتعثرت جهود السلام منذ عام 2014 حين فشلت المحادثات بين الإسرائيليين والفلسطينيين في واشنطن.
امتنع الفلسطينيون عن التعامل مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في الفترة من 2017 إلى 2021 حين تراجع عن السياسة الأميركية المستمرة منذ عقود، إذ اعترفت إدارته بالقدس عاصمة لإسرائيل. ويسعى الفلسطينيون إلى إقامة دولة مستقلة لهم عاصمتها القدس الشرقية.
وتلعب قطر ومصر دور الوسيط في الحرب الأحدث التي يشهدها قطاع غزة، ونجحتا في إقرار هدنة استمرت سبعة أيام تم خلالها تبادل رهائن تحتجزهم حماس بسجناء تحتجزهم إسرائيل، كما تدفقت المساعدات الإنسانية إلى غزة. لكن سرعان ما عادت الحرب إلى ذروتها ووصلت الدبابات الإسرائيلية إلى معبر رفح الحدودي مع مصر، وهو ما وتر العلاقة مع القاهرة.
قضايا شائكة
الحروب العربية الإسرائيلية التي شاركت فيها مصر وسوريا والأردن والعراق والسعودية، لم تسفر عن أي حل يحسم هذا الصراع.
ويبدو أن اتفاقات السلام التي بدأت من مصر ثم الأردن، وصولا على دول خليجية طبعت علاقاتها مع إسرائيل لم تثمر هي أيضا عن أي أفق لحل القضايا العالقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين الذين من المستبعد أن تمكنهم الحرب الحالية من العودة إلى طاولة المفاوضات.
ويكمن لب النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين حاليا فيما بات يعرف بقضايا المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي المحتلة في الضفة الغربية، ووضع القدس، وحدود الدولة الفلسطينية، ومصير اللاجئين الفلسطينيين، وقضايا المياه والمعتقلين الفلسطينيين.
بالنسبة لحل الدولتين، فهو يتمثل في اتفاق يقيم دولة للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى جانب إسرائيل. وقالت إسرائيل إن الدولة الفلسطينية يتعين أن تكون منزوعة السلاح حتى لا تهدد أمنها، وهو ما يرفضه الفلسطينيون.
أما المستوطنات المقامة على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، فتعتبر معظم الدول غير قانونية. لكن إسرائيل ترفض ذلك التوصيف، وتستشهد بعمق روابطها التاريخية والتوراتية بهذه الأراضي. والتوسع الاستيطاني المستمر من بين القضايا الأكثر إثارة للجدل بين إسرائيل والفلسطينيين والمجتمع الدولي.
وفيما يتعلق بالقدس، يريد الفلسطينيون أن تكون القدس الشرقية، التي تضم مواقع ذات مكانة دينية خاصة لدى كل من المسلمين واليهود والمسيحيين، عاصمة لدولتهم. وتقول إسرائيل إن القدس يجب أن تظل عاصمتها "الأبدية غير القابلة للتقسيم".