كشف تقرير برلماني أن أطفالاً في سن التاسعة في اليابان اندرجوا ضمن 25 ألف شخص خضعوا قسراً لعمليات تعقيم جعلتهم غير قادرين على الإنجاب، وذلك بموجب قانون التحسين الانتقائي للنسل أو يوجينيا Eugenia الذي طبقته البلاد بعد الحرب العالمية الثانية.
[تعني كلمة يوجينيا "النسل النبيل" باليونانية. واستخدمها النازيون في الحرب العالمية الثانية في تسمية قوانينهم عن التحكّم بالنسل كي لا يتناسل إلا من اعتقدوا أنهم يشكلون العناصر الأفضل بين البشر، مع تركيز على العرق الآري الأبيض باعتباره المتفوق عن كل ما سواه. واستند منظرو النازية إلى نظرية تشالز داروين عن البقاء للأصلح، في تبرير اليوجينيا التي تضمنت ضرورة التخلص من اعتبروا أنهم الأدنى بين البشر كالغجر واليهود والسود والمتأخرين عقلياً وأصحاب الإعاقات الجسدية والذهنية ومن يعانون اضطربات نفسية- عقلية كالشيزوفرينيا. واستعملت اليوجينيا في تبرير الهولوكوست. وطُبِّقَت في دول غير ألمانيا من بينها الدول الاسكندنافية وبعض الولايات الأميركية واليابان وغيرها]
وبموجب قانون الـ"يوجينيا" الذي انتهى العمل به الآن، جرى تنفيذ نحو 65 في المئة من هذه الإجراءات من دون موافقة المتضررين، وذلك وفق تقرير برلماني مكوّن من ألف و400 صفحة نُشر في اليابان أخيراً. وكشف التقرير أن طفلين يبلغان من العمر تسع سنوات اندرجا بين 16 ألف شخص لم يبدوا موافقتهم على هذا الإجراء.
وتذكيراً، أتاح قانون الـ"يوجينيا" الذي بقي سارياً في اليابان طوال 48 عاماً في الفترة الممتدة بين 1948 و1996، فرض العقم الإجباري على الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية أو المصابين بأمراض عقلية ونفسية، أو مشكلات وراثية، وذلك بغرض منعهم من إنجاب أطفال يعتبرون "أقل شأناً".
كذلك سعى القانون نفسه إلى ضبط التكاثر السكاني في خضم أزمة نقص الغذاء التي قاستها البلاد عقب الحرب العالمية الثانية.
في عام 1996 حظرت اليابان قانون الـ"يوجينيا"، مع ملاحظة أنه وصولاً إلى سنة 1975، تضمّنت كتب مدرسية للصفوف الثانوية أن الحكومة تبذل جهوداً من أجل "تطبيق اليوجينيا في البلاد بغية تهذيب وتعزيز الاستعداد الوراثي لدى المجتمع بأكمله".
وذكرت وسائل إعلام يابانية محلية أن الطفلين المذكورين في التقرير، وهما صبي وفتاة، فرض عليهما العقم قسرياً في ستينيات القرن العشرين وسبعينياته على التوالي. ولم يتسن التأكد من الأسباب وراء تنفيذ الجراحتين [لتعطيل أعضاء الخصوبة لدى الطفلين]، بحسب التقرير البرلماني.
وذكر رجل وقع ضحية جراحة تعقيم قسري في سن الرابعة عشرة ويبلغ من العمر الآن 80 عاماً، إن التقرير يشكل برهاناً على أن الحكومة اليابانية قد خدعت الأطفال.
وفي مؤتمر صحافي، أورد الرجل الضحية سابورو كيتا، "أود من الدولة ألا تتجاهل القضية وتخفيها متعمدة، بل أن تسارِع إلى أخذ معاناتنا على محمل الجد".
وفي المقابل، لم يلقَ التقرير استحساناً لدى مجموعة من المحامين الذين يمثلون ضحايا برنامج العقم القسري.
ونقلت وكالة "أنباء كيودو" اليابانية عن كوجي نيساتو، أحد المحامين الذين مثلوا المدعين الذين يطالبون بتعويضات في القضية المرفوعة ضد الحكومة اليابانية، إن "التقرير لم يكشف عن السبب وراء وضع القانون في الأساس، ولماذا استغرق تعديله 48 عاماً، أو لماذا لم ينل الضحايا التعويضات المطلوبة".
في وقت سابق من عام 2019، وافقت الحكومة اليابانية على تقديم تعويضات لضحايا برنامج حكومي عن فرض العقم قسرياً، إذ إنه مستوحىً من قوانين فُرِضَتْ في ألمانيا النازية.
بعد ذلك، تعهدت الحكومة اليابانية بتعويض الناجين ممن خضعوا لعمليات تحويلهم إلى عقيمين بدفع 3.2 ملايين ين (ما يساوي 17 ألفاً و700 جنيه إسترليني) لكل منهم.
كذلك أصدر رئيس الوزراء السابق شينزو آبي اعتذاراً عاماً إلى ضحايا قانون الـ"يوجينيا".
وآنذاك، وثّقت التقارير أن آبي أورد في اعتذاره إنه "خلال فترة سريان القانون [يوجينيا]، خضع كثيرون لجراحات جعلتهم عاجزين عن إنجاب الأطفال بحجة أنهم يعانون إعاقة ما أو يكابدون مرضاً مزمناً آخر، ما تسبب لهم في معاناة شديدة. كوني أحد أعضاء الحكومة التي فرضت تطبيق هذا القانون، وبعد تفكير عميق، أود أن أعتذر من صميم قلبي".