يجري شي جينبينغ اليوم الأحد زيارة إلى باريس يعتزم نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون دعوته فيها إلى "المعاملة بالمثل" في مجال التجارة وبحث سبل التوصل إلى حل للحرب في أوكرانيا، فيما يستمر الرئيس الصيني في إظهار دعمه لروسيا.
ومن المقرر أن يكون في استقباله عند حوالي الساعة 16,00 (14,00 بتوقيت غرينتش) رئيس الوزراء غابرييل أتال بمطار أورلي في باريس.
انقسامات أوروبية
وستنضم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى الرئيسين الفرنسي والصيني بقصر الإليزيه في جلسة يتوقع أن تثار خلالها النزاعات التجارية.
وبعد الظهر، يُنظم حفل استقبال رسمي للرئيس الصيني بحفاوة بالغة بقصر ليزانفاليد. وقبل مأدبة في الإليزيه، يلتقي ماكرون وشي وجها لوجه في اجتماع طابعه سياسي، ثم يتحدثان أمام الصحافة.
ويعقد شي جينبينغ الذي يحتفل بمرور 60 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية الفرنسية الصينية، سلسلة اجتماعات مع ماكرون الذي أجرى مشاورات مسبقا مع المستشار الألماني أولاف شولتز.
لكن الانقسامات داخل بلدان الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين، وخاصة بين فرنسا وألمانيا، تؤدي إلى تقويض قدرتها على التأثير على الصين. وقالت مصادر إن شولتز لن ينضم إلى ماكرون وشي في باريس بسبب "التزامات سابقة".
وفي مقابلة مع صحيفة "لا تريبون" نشرت الأحد، أقر ماكرون بعدم وجود "إجماع" لدى الأوروبيين بشأن الإستراتيجية الواجب اتباعها، لأن "بعض الأطراف لا يزالون يرون الصين كسوق للبيع"، في حين أنها "تقوم بالتصدير بشكل هائل نحو أوروبا".
في السياق، قال نواه باركين المستشار الكبير في مجموعة روديوم والمتابع الوثيق للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين إن "النفوذ يطير من النافذة إذا أرسل القادة الأوروبيون رسائل متباينة إلى شي".
تقليص الخلل التجاري و"هدنة أولمبية"
كذلك، ينوي الرئيس الفرنسي أن يطلب من الصينيين دعم "هدنة أولمبية" لتعليق "كل" النزاعات خلال دورة ألعاب باريس هذا الصيف. حيث سيحاول خصوصا إقناع نظيره الصيني بالعمل على تقليص أوجه الخلل التجاري بين البلدين واستخدام نفوذه على روسيا فيما يتعلق بالحرب على أوكرانيا.
وتدعم فرنسا التحقيق الذي يجريه الاتحاد الأوروبي بشأن صادرات السيارات الكهربائية الصينية، وفي يناير/كانون الثاني فتحت بكين تحقيقا في واردات البراندي، الذي يتم تصنيع معظمه في فرنسا، وهي خطوة يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها رد على مجموعة متزايدة من تحقيقات الاتحاد الأوروبي.
وقال مستشار في الإليزيه قبل زيارة شي، الأولى له إلى أوروبا منذ خمس سنوات: "علينا أن نواصل حث السلطات الصينية على منحنا المزيد من الضمانات بشأن القضايا التجارية".
وقال مسؤولون إن فرنسا ستسعى أيضا إلى إحراز تقدم بشأن فتح الأسواق الصينية أمام صادراتها الزراعية وحل القضايا المتعلقة بمخاوف صناعة مستحضرات التجميل الفرنسية بشأن حقوق الملكية الفكرية.
وفي حين لم يتم الكشف بعد عن توقيع أي عقد كبير، ستتواصل النقاشات بشأن الاستثمارات حتى النهاية.
ومن المقرر أن يعقد منتدى اقتصادي صيني-فرنسي الإثنين في مسرح مارينيي.
الحرب في أوكرانيا
وفيما يخص الحرب في أوكرانيا، تحرص باريس على مطالبة بكين بالضغط على موسكو لوقف عملياتها في هذا البلد، لكنها لم تحقق تقدما يذكر حتى الآن، باستثناء قرار شي الاتصال بالرئيس فولوديمير زيلينسكي للمرة الأولى بعد وقت قصير من زيارة ماكرون لبكين العام الماضي.
وأضاف المستشار في الإليزيه: "نظرا لأن الصين أحد شركاء روسيا الرئيسيين، فإن هدفنا هو استخدام نفوذها على موسكو لتغيير حسابات روسيا والمساعدة في المساهمة في حل الصراع". ويؤكد الإليزيه أن ما تريده فرنسا هو "تشجيع (الصين) على استخدام" نفوذها لدى روسيا "للمساهمة في حل للنزاع".
وكان ماكرون نقل الرسالة نفسها قبل عام خلال زيارة الدولة التي قام بها الى الصين، وحقق نتائج متواضعة.
تعقيبا، يرى الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية مارك جوليين أن "هذه المقاربة تعكس نقصا في فهم المصالح الاستراتيجية" للصين الراغبة في "البقاء بمنأى عن النزاع" وتسعى "لعدم الانخراط فيه بشكل أكبر، لا لجهة الأوروبيين، ولا لجهة توفير دعم عسكري لروسيا".
رغم ذلك، سيحاول ماكرون تكرار هذا الموقف خلال محطة في جبال البيرينيه الثلاثاء، ستكون شخصية أكثر إذ يترافق فيها الرئيسان مع زوجتيهما. وتهدف هذه المأدبة في ممر تورماليه الجبلي حيث كان ماكرون يمضي إجازاته طفلا لدى جدته، إلى كسر البروتوكول الدبلوماسي وخوض نقاش صريح ومباشر خصوصا بشأن أوكرانيا.
لكن لن يتحقق أي من الهدفين بسهولة خلال زيارة الرئيس الصيني التي تأتي في وقت تتزايد فيه التوترات التجارية بين أوروبا والصين.
وفي زيارته الأولى إلى أوروبا منذ 2019، اختار شي جينبينغ اعتماد التوازن الدبلوماسي في محطاته: فبعد زيارة الدولة إلى فرنسا التي تدعوه منذ زهاء عام إلى "حمل روسيا على تحكيم العقل" بشأن الحرب في أوكرانيا، سيتوجه بعد ظهر الثلاثاء إلى صربيا والمجر القريبتين من موسكو.