حلمت البشرية منذ تاريخ مبكر بإكسير الحياة، وهو شراب كيميائي، اعتقد القدماء أنه يطيل الحياة ويحول باعتباره تجل لحجر الفلاسفة، المعادن الرخيصة إلى ذهب.
انتقلت كلمة "إكسير" إلى اللغات الأخرى من العربية، وهي كلمة معربة يعتقد أن أصلها جاء من الكلمة اليونانية "كسيريون"، وهو اسم يطلق على مسحوق لتجفيف الجروح.
الأكسير لا يستخلص من الأعشاب كبقية الأدوية التقليدية، وهو بمثابة جرعة يتم تحضيرها بواسطة الكيمياء. القدماء كانوا يعتقدون أنهم يستطيعون بفضلها الشفاء من الأمراض، والحصول على الشباب الدائم والخلود.
في القرون الوسطى كان الهدف الرئيس من الكيمياء في المجتمعات الشرقية، الحصول على إكسير الحياة. مهمة البحث تتمثل في إيجاد وسيلة لإطالة العمر. وبدلا من تحويل المعادن الرخيصة إلى ثمينة، أعطت هذه الثقافات أولوية لإطالة العمر، وقللت من أهمية الحصول على الثروات.
كان القدماء يعتقدون بوجود طريقتين لاكتساب الخلود، الأولى داخلية روحية وفلسفية، وثانية خارجية بواسطة جرعة من الإكسير.
في الصين أجرى الباحثون عن الإكسير تجارب خلطوا فيها العديد من المعادن والمواد مثل الرصاص والذهب وحتى الزئبق، واعتقدوا أن استهلاك المعادن الثمينة يطيل العمر. في العصر الحديث ندرك جيدا أن الزئبق على سبيل المثال قاتل ومدمر للجسم البشري.
هذا الأمر لم يكن يعلم به القدماء، حتى أن أحد أشهر ملوك الصين القدماء مات لأنه كان يتناول جرعات من الزئبق، وكان يعتقد أن هذا "الإكسير" سيمنحه الخلود.
بالنسبة للعصر الحالي، تحولت الصيدلة في المختبرات الحديثة إلى التركيز على إنتاج الأدوية ومقاومة الأمراض، ضمن مجالات واسعة من التخصصات المتنوعة بما في ذلك علم الجينات الهام.
عالم متخصص في الكيمياء الحيوية سوفيتي وروسي يدعى فلاديمير سكولاتشيف يقول بهذا الشأن: "الموت أمر لا مفر منه، لكن الشيخوخة لم تعد ضرورية".
هذا العالم يقول في مقابلة صحفية: "سوف نعيش لفترة أطول. سنبدو صغارا إذا أوقفنا برنامج الشيخوخة في الوقت المناسب. اليوم، يموت الناس قبل سن 60 بأسباب لا تعتمد على العمر... مهمة المستحضرات الصيدلانية هي العثور على مادة من شأنها إيقاف الشيخوخة. تمكنا من تجميع مثل هذه المادة في عام 2005. بدأنا بتجربتها أولا على الفئران، ثم جربناها على ذبابة الفاكهة، ثم على القشريات، على الفطر، على النباتات. في جميع الحالات، هناك زيادة كبيرة في الحياة. منذ سن مبكرة، تمت تغذية الفئران والجرذان بهذه المادة. جميع الفئران والجرذان التي أطعمناها بهذه المادة كانت لها فترة شباب طويلة"، مشيرا إلى أن مثل هذا "العقار" لا يزال قيد التجارب السريرية.
المفكر الأمريكي أوريسون ماردن اهتم بجانب آخر من هذه المسألة، ورأى أن البشر يقصرون أعمارهم بأنفسهم بترديدهم لأفكار متأصلة عن الموت والنهاية ويقنعون أنفسهم بأنهم كبروا واقترب الموت منهم، وهذا ما يحدث بالفعل. تظهر التجاعيد على وجوههم وتتآكل أبدانهم بفعل شيخوخة مبكرة.
هذا المفكر ينصح بعدم البحث عن علامات الشيخوخة في المرآة، وبدلا عن ذلك مراقبة علامات الشباب والجوانب الإيجابية.
ماردن بلفت إلى أن الأفكار المدمرة بمكن أن تؤثر سلبا على الخلايا وتبطئ عملية الشفاء، كما أن أفكار الشيخوخة تنتقل إلى الخلايا بما في ذلك الخلايا الجديدة، فتتغير وتبدو بعد وقت قصير أقدم من عمرها، هذا هو الإكسير الحقيقي.