• الساعة الآن 07:56 AM
  • 20℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

تقرير: بروميد الميثيل ودغسان العائلة

news-details

خاص | النقار

كما يبدو ثمة علاقة وطيدة بين عائلة دغسان ومادة بروميد الميثيل، مع فارق أن العائلة يمكن أن يترقى أفرادها من مهربين ملاحقين إلى تجار مؤمنين، فيتمتعون بحرية التنقل والحضور، بينما ظل بروميد الميثيل على حاله غازا محظورا دوليا يمنع استيراده واستخدامه إلا للضرورة القصوى وبإشراف مباشر من الجهات المعنية في الدولة، باعتباره مادة سامة شديدة الخطورة لسرعة انتشارها في الهواء وتسببها في حدوث اضطرابات في الجهاز العصبي المركزي والجهاز التنفسي وتلف الرئتين والعينين والجلد.

يعرف بروميد الميثيل بأنه مادة تبخير fumigant عديمة اللون والرائحة عند درجات الحرارة العادية والضغط العادي وقد تم تداوله كغاز مسال تحت ضغط معتدل وله خواص فيزيائية محددة مثل الوزن النوعي والكثافة ونقطة الغليان والضغط التجاري واللزوجة.

بحسب مختصين فإن الغاز خطر شديد السمية مسرطن ويسبب تهيجا شديدا للجهاز التنفسي السفلي والرئتين، كما أن له تأثيرا ضارا على الجهاز العصبي، وتظهر الأعراض من 4- 12ساعة بعد التعرض، وتكون الأعراض على شكل دوخة وصداع وغثيان وتلعثم في الكلام وضعف في العضلات ورعشة واعتلال المزاج وملامسته للجلد تسبب حرقانا وتهيجا وحروقا وقروحا قد تكون عميقة.

وبحسب رئيس منظمة مكافحة الاتجار بالبشر نبيل فاضل فإن دغسان صاحب سوابق تمتد ربما لعقود، حيث سبق وأخرج مبيدات مسرطنة من ميناء عدن من خلال أمر مزور يحمل توقيع الرئيس السابق علي عبدالله صالح. فهو ليس صاحب سوابق في التهريب فحسب بل وفي التزوير وأعمال السطو. إذ عندما يعرفون بأن ذلك التوجيه مزور قاموا بضبط الشاحنات واحتجازها وتشكيل لجنة فحص للمبيدات، وأثناء الفحص وضعوها في مخزن استأجره دغسان في عدن ليصدر تقرير من اللجنة المختصة يفيد بأنها مبيدات مسرطنة ومحرمة دوليا.

يضيف فاضل في منشور وجهه للنائب في برلمان صنعاء أحمد سيف حاشد والمحامي عبد المجيد صبرة: "فقام دغسان بكسر المخزن بالليل ونقلهن بشاحنات ومن ثم هربهن إلى كافة أنحاء الجمهورية، ونوقشت تلك القضية في مجلس النواب وصدر قرار بإقالة وزير الزراعة"، مشيرا إلى أنه كان حينها مسؤول الحزام الأمني للبحث الجنائي في العاصمة صنعاء، ووصلت لي معلومات عن شاحنة في نقطة يسلح وأبلغت وزارة الزراعة والإدارة العامة لحماية النباتات فردوا علي أنها مسرطنة فصادرت الشحنة وأخذتها إلى حوش البحث الجنائي ولم تمر سوى عشر ساعات حتى صدر قرار من وزارة الداخلية بسحب مندوبي البحث من كل النقاط الأمنية في العاصمة. قدمت تظلما واحتجاجا للوزير حينها بأنهم كانوا يؤدون واجبهم والمفترض هو أن يكافؤوا، لكن وساطة دغسان كانت أقوى".

يختتم فاضل بسرد بعض من السيفي الخاص بدغسان، حيث "لديه عشرات الملفات في الإدارة العامة لحماية النبات وفي محاكم عدن والحديدة وأكبر موزع في اليمن للمبيدات الممنوعة والمحظورة دوليا، والمذكور من أبناء صعدة وبإمكانك البحث عن سوابقه وستجد عجب العجاب. ولا تستغربوا من انتشار السرطان في اليمن".

 

امبراطورية دغسان المالية

في التقرير الذي نشرته مبادرة "Regain Yemen" في العام 2021 ورد عدد من الأسماء التجارية التي تحمل لقب دغسان وتشكل عصبا حيويا لاقتصاد جماعة أنصار الله، ومنها "مجموعة بن دغسان، التي تحتكر تجارة المبيدات الزراعية طوال الثلاثة عقود الماضية، تعمل على تهريب أنواع من المبيدات لا يسمح باستخدامها، وأخرى من النوع الذي يحرم استخدامه في بعض المزروعات".

أورد التقرير أسماء 11 شركة دغسانية يديرها القيادي في أنصار الله المؤمن دغسان أحمد دغسان إما بنفسه أو بواسطة أقاربه، وكلها شركات تعمل في مجالات النفط والغاز والاستيراد والتصدير والمبيدات الزراعية والتهريب بمختلف أنواعه، وشركات تبغ وصرافة وأدوية، وذلك على النحو التالي:


 

1-الشركات النفطية:

- شركة أويل بريمر وشركة ويلرز (مسجلتان باسم دغسان محمد أحمد دغسان ويديرها دغسان أحمد دغسان ضمن أهم مجموعته).

2- مؤسسة بن دغسان لتجارة المواد الزراعية (خاصة باستيراد الأسمدة والمبيدات. ومسجلة باسم "بن دغسان" ويديرها دغسان أحمد دغسان).

3- شركة سبأ الدولية للأدوية والمستلزمات الطبية المحدودة (مسجلة باسم علي أحمد دغسان ويديرها دغسان أحمد دغسان ضمن مجموعته).

4- شركة التاج للتبغ وسجائر المكلا (مسجلة باسم صالح أحمد دغسان ويديرها دغسان أحمد دغسان ضمن مجموعته).

5- شركة صحاري للصرافة والتحويلات (مسجلة باسم علي أحمد دغسان وعبدالله دغسان وتدير الأموال والتحويلات الخاصة بالمجموعة وجماعة أنصار الله).

6- شركة يمن أبوت للتجارة المحدودة (مسجلة باسم علي أحمد دغسان شقيق دغسان، ويديرها ضمن مجموعته).

7- مؤسسة علي أحمد دغسان للاستيراد (مسجلة باسم علي أحمد دغسان شقيق دغسان ويديرها ضمن مجموعته).

8- شركة سبأ العالمية للتبغ المحدودة (مسجلة باسم علي أحمد دغسان ويديرها دغسان ضمن مجموعته).

9- مؤسسة أحمد دغسان للاستيراد والتصدير (مسجلة باسم أحمد دغسان ويديرها نجله دغسان).

10- شركة أجواء الربيع للتجارة العامة (مسجلة باسم دغسان أحمد دغسان، ويديرها بنفسه).

11- شركة دغسان أحمد دغسان للعقارات والمقاولات العامة، (تمتلك مجموعة أراض بمساحات كبيرة في العاصمة صنعاء خاصة في منطقة جدر).

لكن يبدو ليس ذلك كل شيء، حيث مازال في جعبة المال الدغسانية الكثير من أسماء العائلة الذين لا يتم الكشف عنهم دفعة واحدة خوفا من الحسد كما يبدو. كعبد العظيم دغسان مثلا، والذي كشفت عن اسمه وثيقة ضبط جمركي مؤرخة في نوفمبر من العام الماضي ربما عن طريق الصدفة لا أكثر. فلو لم يرد اسم عبد العظيم هذا في المذكرة لظل جنديا مجهولا في شجرة العائلة الدغسانية العتيدة، حتى يأتي الموت فيأخذه إلى لوحات بارزة تعلق في شوارع المدن تحت عنوان "رجل الخير والإحسان.. فلان بن فلان دغسان"، كما يحدث في العشرين من ديسمبر من كل عام تمجيدا لذكرى "استشهاد رجل الخير والإحسان محمد أحمد دغسان"، والذي احتفت صفحة مؤسسة بن دغسان على فيسبوك بـ"الذكرى الحادية عشرة" في ديسمبر الماضي، والذي اغتيل في 2012 على يد مسلحين مجهولين أمام منزله بالقرب من وزارة الداخلية في العاصمة صنعاء.

وبالتالي كان من المفترض بالتاجر عبد العظيم دغسان أن ينتظر حتى يتحول هو الآخر إلى "رجل الخير والإحسان" بذكرى وفاة ولوحات ضخمة تحمل صوره فيترحم عليه أولئك الذين وصلهم خيره وإحسانه عبر مبيدات مسرطنة تفتك بالبشر والشجر.

فبحسب الوثيقة الصادرة عن إدارة الضابطة الجمركية بمكتب جمارك ورقابة صنعاء تم الإفراج بالقوة عن قاطرة محملة بمبيدات سامة محظور دخولها البلاد، خاصة بالتاجر عبد العظيم دغسان، ودون إذن من وزارة الزراعة والري، باعتبارها الجهة المعنية بمنح تراخيص دخول شحنات المبيدات الزراعية.

تفيد الوثيقة بأنه في تمام الساعة التاسعة من مساء يوم الثلاثاء 18 نوفمبر/ 2023 تلقى ضابط أمن الجمرك، محمد ناصر جابر، بلاغا من قبل قائد كتيبة الخدمات في قوات النجدة نبيل لطف الله، بإخراج قاطرة تحمل لوحة رقم (6/23536) وقعادة رقم (479609) محملة بمبيدات سامة نوع (بروميد الميثيل) المحظور والممنوع في اليمن، وتتبع شركة سبأ العالمية، وبصورة سرية دون علم الجمارك، ليتم الأمر رغم أنف إدارة الجمرك وبلسان حال يقر بأن ما يقومون به هو "بتوجيهات عليا من رئيس الجمهورية ومن مدير عام القيادة والسيطرة ولا يقدر أحد أن يقف أمامنا".

ومع ما كشفته هذه الوثيقة وغيرها من الوثائق، إلا أن العائلة الدغسانية ستستمر في تجريع اليمنيين مبيداتها وسمومها، فيما لن تعدو تلك كونها مجرد "محضر إثبات حالة". وأعداد أربعة وأربعين ألف مريض بالسرطان تم رفعها في العام 2022 لمدير مكتب رئاسة الجمهورية أحمد حامد، بفعل المبيدات الدغسانية، لن تعدو بالنسبة لـ"رئيس الرئيس" في صنعاء مجرد أرقام غير موثوق بها، تماما كما هي أرقام الضحايا في العدوان الإسرائيلي على غزة بالنسبة لـ"رئيس الرئيس" في البيت الأبيض.

شارك الخبر: