على رغم أن للعيد بهجة وفرحاً إلا أن ثمة مصطلحاً وشعوراً عادة ما يصاحب أيامه بخاصة الأخيرة، وهو "اكتئاب العيد" الذي شخصه استشاري الطب النفسي الدكتور أحمد الجدعاني في سبعة أسباب، وهي ما يجعل الإنسان مكتئباً.
ويرى الجدعاني، في رسالة صوتية لـ"اندبندنت عربية"، أن الأسباب تختلف باختلاف المشاعر من فرد لآخر، ذلك لأن لكل شخص ظروفه وتفسيره، لكن أحد الأسباب هو "الحنين إلى الماضي، فالعيد يذكر أحياناً بماض مؤلم بخاصة لمن فقد عزيزاً". ومن الأسباب أيضاً "اضطراب القلق الاجتماعي أو ما يسمى بالرهاب الاجتماعي"، وهو وفق الاستشاري النفسي، "مسبب للتوتر بسبب مقابلة الناس خوفاً من وقوعه في حرج بتلعثمه، أو أن يتم تقييمه سلباً من الناس المحيطين به مما يسبب له هماً وحزناً واكتئاباً".
وتظل البيئة المتنمرة سبباً آخر من ضمن الأسباب، إذ إن الشخص الذي ليس لديه قلق اجتماعي لكنه يعيش في بيئة متنكرة سيعاني "اكتئاب العيد". ويقول الجدعاني "قد يتنمرون على وزن الجسم، أو المظهر والملابس، أو على الوضع الوظيفي والوضع الاجتماعي، وهو كشخص لربما أنه لا يملك مرونة كافية للتعامل مع هذا الموقف ولا مهارة بالتعامل معهم فيكون حينها تحت ضغط كبير جداً".
أضاف أن من بين الأسباب هي "السمات الشخصية ومنها الانطوائية، وهو الشخص الذي يحب أن يكون منطوياً ومنكفئاً على ذاته، ويكون سعيداً بشكل أكبر مع نفسه، وكون أن العيد عامل ضغط لأنه يجبر على الاختلاط، وهذا يجعله متوتراً وحزيناً وكئيباً".
ومن بين الأسباب أيضاً "أصحاب الشخصية الدقيقة وغير المرنة"، فهؤلاء وفق المختص النفسي "لديهم قلق من أن نظام العيد يؤثر في جدول حياتهم سواء في أوقات نومهم أو نظامهم الغذائي وروتينهم الرياضي"، إذ يشعرون أن العيد يلزمهم بهذا التغيير غير المرغوب، وأنهم سيفقدون السيطرة على مجريات حياتهم، ثم يبدؤون بلوم ذاتهم على ذلك فيدخلون بسبب هذا الأمر بالاكتئاب.
وفي معرض حديثه وتفنيده الأسباب أيضاً، يلمح الاستشاري النفسي إلى "أن صاحب الشخصية الشكاكة يفسد تصرفات الآخرين بسوء الظن، ويشعر أن المجاملات طاغية، وأن النفوس تضمر الشر، فيكره تجمعات العيد".
وثمة فئة تعاني كثيراً اكتئاب العيد، وهم كبار السن، ويتابع الجدعاني "العيد فرصة للآباء والأجداد بالفرح واجتماع أفراد الأسرة، ولكن بعد انتهائه يصيبهم حزن فور الانتهاء من العيد بسبب تفرق الأحباب"، لكنه يؤكد أن ثمة علاجاً يجب الأخذ به بشكل مستمر، وهو "أهمية إبقاء الزيارات بشكل كبير ومستمر بين أفراد الأسرة" حتى بعد انتهاء العيد. ومن بين الأسباب أيضاً "المبالغة الاجتماعية" في متطلبات العيد لكثير من الأسر، والخلافات الأسرية والقطيعة المستمرة.
ويشير الجدعاني إلى الاغتراب كسبب في اكتئاب العيد، إذ يشعر المغترب عن أهله بالوحدة ويزداد هذا الشعور بشكل كبير مع العيد، مضيفاً أن من ضمن الأسباب "ما غرس بالعقول أن الدين مرتبط بالبكاء والحزن والشعور المستمر بالذنب والتقصير بسبب رحيل شهر رمضان، وأنه ذهب ولا يعود إلا بعد عام، وشعوره بأن العيد لا يصلح للاحتفال بسبب بعض ما يحصل في البلدان المحيطة، وهذا خلافاً لما جاء في الدين من وجوب الفرح بالعيد".
ويختتم الجدعاني حديثه، مؤكداً أن بعضاً منهم قد يعاني اضطراب الاكتئاب الجسيم أو اضطرابات نفسية جسيمة أخرى، "وهي ليست مجرد شعور عابر بالاكتئاب، فلا يستطيع أن يستمتع أو أن يفرح بالعيد، وعند تفكيره بأنه عاجز عن الفرح بالعيد يزداد شعوره بالألم، وهؤلاء بحاجة إلى زيارة المختص النفسي بشكل رئيس".
.