وافق الاتحاد الأوروبي على "المراقبة التطفلية" على الصحفيين للتعرف على مصادرهم، بموجب مشروع قانون إعفاء جديد اقترحته فرنسا، حيث ستسمح بروكسل بتثبيت برامج تجسس على هواتف الصحفيين العاملين في الاتحاد الأوروبي وحواسيبهم الشخصية، وفق ما ذكرته صحيفة The Times البريطانية.
حيث وافق سفراء بروكسل، الأربعاء 21 يونيو/حزيران 2023، على تثبيت برامج تجسس على الحواسيب أو الهواتف المحمولة الخاصة بالصحفيين العاملين في الاتحاد الأوروبي، ضمن أي تحقيق في جرائم تتراوح من الإرهاب إلى قرصنة الموسيقى أو سرقة دراجة.
يأتي ذلك بعد أن انتقدت فرنسا في الشهر الماضي مقترح المفوضية الأوروبية بمنح الصحفيين الحصانة ضد تدابير "اعتراض المكالمات، والخضوع للمراقبة أو التفتيش والمصادرة، ما لم يكن ذلك شرطاً قوياً لتحقيق المصلحة العامة".
جاء في وثيقة سرية لدبلوماسي فرنسي، مُسرَّبة لموقع Politico Europe، "هذه الطبيعة بالغة الإفراط للحصانة تثير تساؤلات". وفازت فرنسا بالتأييد لمشروع القانون الذي اقترحته باستحداث استثناءات، التي تبررها بأنها "ضرورية لتحقيق توازن معقول بين الحاجة لحماية سرية المصادر الصحفية والحاجة لحماية المواطنين والدولة ضد التهديدات الجدية، أياً كان الجُناة".
في إطار مقترح الاستثناءات سيتسع نطاق الجرائم المُصنَّفة بأنها جدّية، التي تستوجب الاستثناء من الحصانة، بحيث لا تقتصر فقط على الإرهاب أو تهديدات الأمن القومي، لتشمل 32 جريمة مُدرَجة على مذكرة الاعتقال في الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى ما يُعَد "شرطاً قوياً لتحقيق المصلحة العامة".
حسب الصحيفة البريطانية، تتراوح هذه الجرائم من القتل أو أعمال العنف الخطيرة إلى السرقة وقرصنة فيديو أو مقطع موسيقي، ومزاعم احتيالية للحصول على تمويل من بروكسل، وأية جريمة قد تصل عقوبتها إلى 5 سنوات. ودعمت ألمانيا وهولندا واليونان ودول أخرى مقترح التعديلات.
في محاولة لإخفاء طبيعتها المثيرة للجدل، يُشار الآن إلى مصطلح "برامج التجسس" في التشريع باسم "برامج المراقبة المتطفلة"، بعد عدد من الفضائح البارزة التي تنطوي على استخدام "البرنامجين الخبيثين" Pegasus و Predator.
ثاناسيس كوكاكيس هو صحفي يوناني، ثبّتت الأجهزة السرية في اليونان برنامج Predator للتنصت على هاتفه الذكي، لأسباب تتعلق بالأمن القومي في صيف عام 2021، أثناء مشاركته في استقصاء عن غسيل الأموال والفساد في بنك بيريوس.
كما قال كوكاكيس: "من المهم أن تكون لديك ضمانات قوية. ففي حالتي لم يكن هناك حتى تبرير مكتوب من أجهزة المخابرات. وتُظهر حالتي مدى سهولة استخدام الأمن القومي ذريعةً لتهديد الصحفيين ومصادرهم".
فيما وُصِفَت مقترحات المفوضية الأوروبية بتثبيت برامج تجسس، في سبتمبر/أيلول الماضي، بأنها "مجموعة جديدة من القواعد لحماية تعددية وسائل الإعلام واستقلالها"، لكنها أثارت الجدل لأنها تخلق "رقابة تنظيمية" وثغرات جديدة.
بينما حذر ناشرون ومذيعون ونقابات عمالية أوروبيون، في خطاب الشهر الماضي، من أنه فيما يتعلق بحظر المراقبة وحماية المصادر والاتصالات، فإنَّ مقترحات المفوضية "هي في الواقع خطوة إلى الوراء".
كما جاء في الخطاب أنَّ "حماية وسائل الإعلام، بما في ذلك الصحفيون ومصادرهم، من أي تهديد لاستقلالهم وأمنهم شرط غير قابل للتفاوض من أجل تحقيق فعّال لحرية الصحافة والتحرير".
في هذا السياق، قالت مجموعة الحقوق الرقمية الأوروبية إنَّ "النطاق الواسع وغير المحدد" للإعفاء من المراقبة "يخاطر بإضفاء الشرعية على النشر الروتيني لبرامج التجسس وغيرها من الإجراءات القمعية ضد الصحفيين".