• الساعة الآن 06:12 AM
  • 14℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

"مساجد مدمرة وصيام مستمر".. كيف يعيش سكان غزة رمضان في الحرب؟

news-details

أوضاع قاتمة يعيشها سكان قطاع غزة خلال شهر رمضان، في ظل ظروف شبيهة بالمجاعة، ومعارك وقصف يومي مستمر، وتدمير عدد كبير من المساجد، وارتفاع أسعار كافة المنتجات الغذائية "المتوفرة"، وغياب مظاهر التصدق التي تكثر خلال الشهر الكريم، وفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".

صيام منذ أشهر

تلك الأجواء تدفع السيدة الفلسطينية، حسناء جبريل، إلى "غلي الماء غير النظيف لصنع حساء من الصبار والأعشاب" من أجل إفطار عائلتها.

وقالت السيدة البالغة من العمر 58 عاما، وهي تحتمي في خيمة مع زوجها في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، بين أكثر من مليون فلسطيني نازح آخر: "نحن نستخدم أي شيء يمكننا العثور عليه".

وأكدت السيدة الفلسطينية أن "صيام شهر رمضان لم يغير مقدار ما تأكله"، حيث أن علب الحمص والتمر القليلة التي تلقتها كمساعدات في الأسابيع الأخيرة لم تكن كافية لأكثر من وجبة واحدة في اليوم.

وقالت: "يبدو أننا كنا صائمين عن الطعام والماء منذ أشهر".

والآن، زوجها لا يتناول وجبات رمضان، ليس لأنه ليس جائعا، وقالت: "يعتقد أنه يدخر لي المزيد من الطعام، بينما يخفي إرهاقه ودموعه على حالنا".

رمضان وواقع قاتم

ويحل شهر رمضان هذا العام على الفلسطينيين بقطاع غزة في ظل واقع جديد قاتم، فقد دمرت الغارات الجوية غالبية المساجد، وهناك آلاف الأيتام يتجولون في الشوارع، ويتجنب الناس التجمعات الكبيرة خشية أن تجذب انتباه الجيش الإسرائيلي.

وتعيش، سارة الغلاييني، في منزل شقيقتها في مدينة غزة المدمرة التي أصبحت خالية من العديد من سكانها ومليئة بالمنازل المدمرة، بما في ذلك منزلها.

وأشارت الفتاة البالغة من العمر 24 عاما إلى أن العديد من أحبائها فروا إلى الجنوب سعيا لتجنب القصف العنيف في الشمال.

وقالت الغلاييني عبر الهاتف بينما سمع دوي الانفجارات: "نحن محاصرون، القصف لا يتوقف لذا لا نغادر المنزل، نحن خائفون من أن نقتل في أي لحظة".

وأكدت الغلاييني أنها تفتقد قضاء وقت ممتع في شهر رمضان في التجمعات العائلية المفعمة بالحيوية، والإفطار معا على طعام طازج وساخن. 

لقد أفطرت صيامها الأول هذا العام على الخبز والتمر والماء، وقالت: "ليس لدينا ما يجعلنا نشعر بأننا في شهر رمضان".

مجاعة وشيكة؟

الأسبوع الماضي، أشار تقرير إلى أن سكان غزة يعانون من جوع "كارثي"، وتوقّع أن تضرب المجاعة شمال القطاع "في أي وقت" في الفترة الممتدة حتى مايو في غياب أي تدخل عاجل للحؤول دون ذلك.

وفق تقرير "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" يقدر عدد الذين يواجهون ظروفا قاسية بنحو 1.1 مليون فلسطيني، أي نصف السكان.

ويعتبر الوضع الإنساني سيئا بشكل خاص في شمال غزة، الذي انقطع إلى حد كبير عن وصول المساعدات والسلع التجارية منذ بدء الحرب.

وعبرت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، عن إحباطها مما وصفته بعدم كفاية المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة، وقد اتخذ البيت الأبيض بعض الخطوات للضغط على الحكومة الإسرائيلية لزيادة التدفق، بما في ذلك عن طريق إسقاط المساعدات جوا وبناء ميناء بحري.

وقبل الحرب، كانت جبريل تطبخ للأمهات العاملات المحليات وأسرهن الطعام التقليدي الفلسطيني مثل "المسخن"، وقالت إن أطباق مثل هذه من المستحيل صنعها الآن.

وقالت: "لم يعد لدي أي إمدادات لإعداد الطعام الذي يحبه الناس".

وقد توفي ما لا يقل عن 25 شخصا بسبب سوء التغذية والجفاف، وفقا لمسؤولي الصحة في غزة.

أسعار مضاعفة ومساجد مدمرة

ويقول رئيس قسم جراحة الأوعية الدموية في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، تيسير الطنا، إنه يقضي ساعات يوميا في إجراء العمليات الجراحية وغالبا ما يعمل خلال الليل، ويفطر بسرعة عند غروب الشمس على كل ما يجده زملاؤه في ذلك اليوم قبل العودة إلى غرفة العمليات.

قال الطنا: "في الإفطار، كنا نأكل الكثير من الملوخية والأعشاب الأخرى التي كنا نعتبرها قبل الحرب غير صالحة للأكل، وإذا كان شخص ما محظوظا، فسيحصل على العدس الذي أصبح الآن بالكاد متاحا".

وارتفعت أسعار المواد الغذائية في القطاع بأكثر من الضعف منذ بدء الحرب، ووصلت بعض المواد المهمة مثل الدقيق إلى 10 أضعاف مستوياتها قبل الحرب.

ويؤدي النقص في السيولة النقدية إلى تفاقم قدرة سكان غزة على شراء ما هو متاح في السوق.

وقال الطنا: “الآن، لا توجد صدقات في المكان الذي أعيش فيه، كل شيء يتم شراؤه وبيعه".

وأضاف:" في الوقت الحالي، أشاهد الأطفال يحدقون في الأشخاص الذين يشترون من كشك الطماطم مع نظرة في أعينهم تقول (أتمنى لو كنت أنت)"، متسائلا:" كيف يمكن لأي شخص أن يتحمل هذا؟".

وقبل الحرب، كانت مساجد في غزة تقدم وجبات في رمضان للمحتاجين، وكانت بمثابة حجر زاوية في المجتمع. 

وقال حاتم البكري، وزير الشؤون الدينية في السلطة الفلسطينية، إن جميع المساجد التي يزيد عددها عن 1000 مسجد تقريبا في القطاع دمرت أو تضررت.

ومن بين تلك التي دمرت المسجد العمري الكبير، وهو حرم قديم تم تحويله من كنيسة تعود إلى العصر البيزنطي إلى مكان عبادة إسلامي. 

وكان المسجد، الذي يُسمى أيضا المسجد الكبير في غزة، واحدا من أكبر وأقدم المساجد في القطاع، ويقع على بعد خطوات من كنيسة تاريخية. 

ودمر الجيش الإسرائيلي المسجد فيما قال إنها ضربة استهدفت مسلحين وممرات أنفاق في الموقع في ديسمبر.

وقال الطنا إنه عادة في غزة، يمكن سماع صوت الصلاة المنبعث من مكبرات الصوت في المساجد من جميع الاتجاهات. واختفت تلك الأصوات وحل محلها أزيز الطائرات بدون طيار والانفجارات وإطلاق النار، وفي الحالات النادرة، يسمع الطنا الأذان، قال إنه يتبعه إعلان يحث المصلين على الصلاة في منازلهم وعدم التجمع خارجها.

وفي إحدى أمسيات رمضان الأخيرة، قال الطنا إنه عاد إلى منزله من المستشفى ليشارك الإفطار مع زوجته وأطفاله. 

وأشار إلى أنه تأخر في الوصول إلى منزله لتناول وجبة المساء لأن الدمار جعل من الصعب التعرف على الطريق الذي كان مألوفا له، وضل طريقه. 

وعندما عاد أخيرا إلى المنزل، شارك مع زوجته وأطفاله ما تمكن من جمعه في ذلك اليوم: إحدى المعلبات وخبز وبعض الماء.

 

شارك الخبر: