العلاج بالضوء الأحمر يُعتبر مفيدًا لصحة الجلد، والتئام الجروح، ونمو الشعر لدى الأشخاص المصابين بالثعلبة، والسيطرة على الألم. وزعم البعض أنه مفيد للنوم أيضًا، لكن الباحثين والخبراء لديهم رؤية مختلفة حول هذا الأمر.
ووفقًا لما ذكرته المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC)، تستجيب إيقاعات الساعة البيولوجية التي تتحكم بدورات النوم والاستيقاظ "للضوء كإشارة للاستيقاظ، والظلام كإشارة للنوم".
وأوضح الدكتور راج داسغوبتا، الأستاذ المساعد في الطب السريري بكلية كيك للطب في جامعة جنوب كاليفورنيا أن "الضوء هو أكثر ما يؤثر على إيقاعاتنا اليومية، ويدرّب ساعتنا البيولوجية على مدى 24 ساعة يوميًا".
وأضاف أنّ "الضوء يتمتع بالعديد من الموجات الطويلة المختلفة. ولهذا السبب عندما نتحدث عن الضوء الأزرق أو الضوء الأحمر، فإننا لا نتحدث عن مصباح أحمر اللون، بل طول موجة الضوء".
وأشار إلى أن البشر أكثر حساسية على الضوء ذات الموجة الطويلة الزرقاء، المنبعث من شاشات الهاتف، والتلفزيون، والكمبيوتر المحمول، وكذلك الشمس، وهو الضوء الذي يحدّ من إفراز هرمون النوم الميلاتونين.
وقال داسغوبتا إنّه بما أن الضوء الأزرق يحدّ من إفراز الميلاتونين، فإنّ الفرضية الكامنة وراء الدراسة المتمحورة حول النوم والضوء الأحمر، الموجود على الطرف الآخر من الطيف، قد يشجّع على إفراز الميلاتونين.
لكن عدد الدراسات حول الضوء الأحمر والنوم لدى مشاركين أصحاء قليل، وغالبيتها صغير الحجم، إذ شارك في كل منها بين 10 و30 مشاركًا. ويبدو أنّ دراستين فقط توصلتا إلى مثل هذا الارتباط.
وفي دراسة أُجريت في عام 2012، قيّم باحثون صينيون تأثير العلاج بالضوء الأحمر على جودة النوم وأداء تمارين التحمّل لدى 20 لاعبة كرة سلة. وتلقت نصف اللاعبات 30 دقيقة من الإشعاع لكامل الجسم من جهاز العلاج بالضوء الأحمر الأشبه بحمام تسمير البشرة.
ووجد الباحثون أن هذه المجموعة لديها تحسن أكبر لجهة النوم ومستويات الميلاتونين في الدم مقارنة مع مجموعة الدواء الوهمي التي لم تتلق العلاج بالضوء الأحمر.
وأوضح جوشوا تال، عالم النفس في مدينة نيويورك الأمريكية والمتخصّص بمشاكل النوم أنه "نظرًا لمحدودية البحث، فإن هذه واحدة من تلك المواقف التي سُجّل فيها اختراقًا للنوم، لكن ما من دليل على ذلك حقًا". وعلّق قائلًا: "لم ألحظ الفائدة".
وقد وجدت دراسات أخرى تأثيرًا مختلفًا تمامًا، إذ قالت ماريانا فيغيرو، مديرة مركز ماونت سيناي للأضواء والأبحاث الصحية في مدينة نيويورك الأمريكية: "لقد تبيّن لنا أنه يمكنك تنبيه الدماغ فعليًا من خلال تعريض الناس لهذا الضوء الأحمر المشبع".
ونظرت دراسة أشرفت عليها فيغيرو في عام 2019، فيما إذا كان توصيل الضوء الأحمر للعين المغلقة أثناء النوم، باستخدام قناع الضوء الأحمر، وفتح العينين عند الاستيقاظ عبر نظارات الضوء الأحمر، يُقلّل من قصور النوم لدى 30 بالغًا.
ويُعتبر قصور النوم عملية إيقاعية يومية تعدّل الذاكرة، والمزاج، ووقت رد الفعل، واليقظة عند الاستيقاظ، وفقًا لدراسة أُجريت في عام 2015. ويعاني بعض الأشخاص من ضعف في الأداء والترنح خلال هذه الفترة الزمنية، وعادة ما تهدأ آثار قصور النوم بعد 15 إلى 60 دقيقة، لكن يمكن أن تستمر حتى بضع ساعات.
وفي دراسة فيغيرو، جمع المؤلفون بيانات الإحساس بالنعاس لدى المشاركين التي أبلغوا عنه ، بالإضافة إلى الأداء السمعي ومستويات الكورتيزول عن ثلاث ليالي جمعة لثلاثة أسابيع متتالية. ووجدوا أن الضوء الأحمر عبر عيون مغلقة خلال فترة نوم المشاركين، يخفف من قصور النوم عند الاستيقاظ.
كما توصلت دراستان صغيرتان أجرتهما فيغيرو أيضًا إلى أنّ الضوء الأحمر يحفّز اليقظة.
وخلصت فيغيرو، وهي أستاذة بقسم علوم وسياسات صحة السكان بكلية الطب في ماونت سيناي أنها لن تدعّي ما مفاده أن الضوء الأحمر يشجع على النوم.
أثر الضوء الأحمر على النوم
ولفتت فيغيرو إلى أن من يعتبرون الضوء الأحمر مفيدًا للنوم قد خلطوا بين الميل المنخفض للضوء الأحمر بهدف الحد من إفراز الميلاتونين مع تحسين النوم، وهو ليس الأمر عينه.
وأوضحت أن "الأمر الوحيد الذي يمكن أن نناقشه يكمن في تأثيره، ,في حال أعطيت هذا الضوء الأحمر في المساء قبل النوم، فإنك تقلل من اضطراب نظام الساعة البيولوجية، لأن اضطراب نظام الساعة البيولوجية يسببه اللون الأزرق الساطع أو الأزرق".
ووجدت فيغيرو في بحثها أنه نظرًا لأنّ الضوء الأحمر لا يؤثر على نظام الساعة البيولوجية، فإنّ احتمالية تحفيز الضوء الأحمر لليقظة، "يُرجح أن يؤثر على دماغك من خلال مسارات أخرى غير الساعة البيولوجية"، إذ أن نظام الساعة البيولوجية ويقظة الدماغ ليسا متشابهين.
وأضافت فيغيرو أنه حتى يتأثر الميلاتونين أو الإيقاع اليومي بالضوء، يجب أن يكون هناك ضوء يمر عبر النواة فوق التصالبية، وهي بنية الدماغ حيث توجد الساعة البيولوجية.
وخلصت فيغيرو إلى أن الضوء الأحمر لا يفعل ذلك عمومًا، موضحة أن "ما نعتقد أنه يحدث أن (الضوء الأحمر) يؤثر في الواقع على أجزاء من الدماغ مرتبطة مثلًا بالنظام البصري"، لافتة إلى أنه "يمكن أن يكون مرتبطًا باللوزة الدماغية أو أجزاء أخرى من الدماغ، ليست بالضرورة عبر الساعة البيولوجية".