استبعد محللون تحدث إليهم موقع الحرة أن يؤدي قرار مجلس الأمن الدولي الأخير الداعي إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة إلى تغيير موقف الحكومة الإسرائيلية من الحرب في غزة.
وتبنى مجلس الأمن، الاثنين، أول قرار له من أجل "وقف فوري لإطلاق النار" في غزة، بعدما اتخذ المجلس قرارين سابقين بشأن الوضع الإنساني المتدهور في غزة، لكن لم يدع أي منهما إلى وقف إطلاق النار.
وجاء إصدار القرار بعد مقتل أكثر من 32 ألف فلسطيني بعد خمسة أشهر من الحرب، بينما يواجه القطاع حالة طوارئ إنسانية خطيرة، وسط تحذيرات من مجاعة وشيكة.
وامتنعت الولايات المتحدة وحدها عن التصويت، فيما صوت الأعضاءالـ14 الآخرون لصالح القرار.
ويطالب القرار بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان" الذي بدأ قبل أسبوعين، على أن "يؤدي الى وقف دائم لإطلاق النار".
ويطالب أيضا "بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، لكن هذا الإجراء لا يرتبط بوقف إطلاق النار الذي يفترض أن ينتهي في 9 أبريل.
ومن جانبه، طالب الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيريش، الاثنين، بتنفيذ القرار، وكتب على منصة "إكس": "ينبغي تنفيذ هذا القرار. إن الفشل سيكون أمرا لا يغتفر".
ودعت باريس إلى العمل من أجل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار. وقال ممثل فرنسا لدى الأمم المتحدة، نيكولا دي ريفيير:" سيتعين على مجلسنا أن يظل معبأً وأن يعود إلى العمل على الفور بعد شهر رمضان".
ويشير القرار إلى أن وقف إطلاق النار سيستمر لمدة أسبوعين فقط، رغم من أنه ينص أيضا على أن وقف القتال يجب أن يؤدي إلى "وقف دائم ومستدام لإطلاق النار".
وانتقد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، هذه الخطوة وقال في بيان نشر على حسابه بمنصة "إكس": "هذا التراجع يضر بالمجهود الحربي وجهود إطلاق سراح الرهائن لأنه يمنح حماس الأمل في أن الضغوط الدولية ستسمح لها بقبول وقف إطلاق النار دون إطلاق سراح الرهائن لدينا."
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، الذي يزور واشنطن، الاثنين، إن إسرائيل لا يمكنها وقف حربها على حماس، بينما لايزال هناك رهائن في غزة، وفق رويترز.
وأضاف غالانت أنه سيشدد في اجتماعه مع مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، في البيت الأبيض على أهمية تدمير حماس، وإعادة الرهائن إلى بيوتهم.
وأردف: "سنعمل ضد حماس في كل مكان، بما في ذلك الأماكن التي لم نصل إليها بعد (..) ليس لدينا حق أخلاقي في وقف الحرب ولايزال هناك رهائن محتجزون في غزة".
ويرى المحلل السياسي الإسرائيلي، إيلي نيسان، في تصريحات لموقع الحرة أن المشكلة الأساسية في هذا القرار أنه لم يربط بين وقف وقف إطلاق النار واستعادة الرهائن.
بينما يرى المحلل الإسرائيلي، آفي ميلاميد، أنه لن يكون له تأثير عملي على أرض الواقع، لأن إسرائيل سوف تواصل عملياتها في قطاع غزة.
وانتقد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في منشوره الأخير "تراجع واضح عن الموقف الثابت للولايات المتحدة في مجلس الأمن منذ بداية الحرب"، في إشارة إلى استخدامها حق النقض في السابق ضد مثل القرارات.
وألغى نتانياهو زيارة لوفد إسرائيلي رفيع المستوى كانت مقررة، بعد امتناع الولايات المتحدة عن استخدام حق النقض لمنع صدور القرار دون اشتراط إطلاق سراح الرهائن.
واعتبر البيت الأبيض أن قرار نتانياهو إلغاء زيارة الوفد الإسرائيلي لواشنطن "مخيب للآمال"، مؤكدا أن دعم واشنطن لإسرائيل "لتمكينها من ملاحقة حماس مستمر ولم يتوقف".
وقالت السفيرة الأميركية، ليندا توماس غرينفيلد، إن القرار "تحدث صراحة عن دعم الجهود الدبلوماسية الجارية"، مضيفة أن المفاوضين "يقتربون من التوصل إلى اتفاق لوقف فوري لإطلاق النار مع إطلاق سراح جميع الرهائن، لكننا لم نصل إلى ذلك بعد".
وأضافت: "لذلك اليوم، أطلب من أعضاء هذا المجلس والدول الأعضاء في كل منطقة من العالم أن يتحدثوا علنا ويطالبوا بشكل لا لبس فيه أن تقبل حماس بالاتفاق المطروح على الطاولة".
وقال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، للصحفيين، إن امتناع الولايات المتحدة عن التصويت لا يرقى إلى مستوى "التحول في سياستنا"، مؤكدا أن الولايات المتحدة كانت "ثابتة" في دعمها لوقف إطلاق النار في إطار صفقة الرهائن.
وقال كيربي: "سبب امتناعنا عن التصويت أن نص القرار لم يدن حماس".
ريتشارد وايتز، المحلل السياسي والعسكري بمعهد هدسون، قال لموقع الحرة إن الإدارة الأميركية "تحاول الموازنة بين رغبتها في إنهاء القتال واستعادة الرهائن وتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، مع الرغبة في ضمان هزيمة حماس".
وقال باولو فان شيراك، محلل شؤون الشرق الأوسط المقيم في واشنطن، لموقع الحرة، إن واشنطن تريد إنهاء مشهد مطاردة إسرائيل لحماس في كل مكان الذي يؤدي إلى سقوط أعداد هائلة من الضحايا المدنيين، "وهذا أمر غير مقبول سياسيا بالنسبة لإدارة بايدن".
وأضاف أن إنهاء الصراع دون سقوط المزيد من الضحايا المدنيين "يتعارض تماما مع أهداف حكومة نتانياهو المتمثلة في تدمير حماس، وهو هدف صعب المنال".
وكان المتحدث باسم البنتاغون بات رايدر، قال، الاثنين، إن أي عملية برية في رفح ستكون "خطأ خصوصا من دون خطة موثوقة ووجود عدد كبير من النازحين".
وتابع أن "هناك طرقا عديدة للتعامل مع التهديد الذي تشكله حماس مع الأخذ في الاعتبار سلامة المدنيين".
ويؤكد المحلل وايتز أن "العلاقات قوية بين البلدين، رغم تعارض الأهداف، ومحاولة واشنطن إثناء إسرائيل عن شن هجوم كبير في رفح".
ولا يعتقد فان شيراك أن إسرائيل سوف تلتزم بالقرار لأنها بالفعل رفضت قرارات سابقة وعادة ما تحتك بالمجتمع الدولي بهذا الشأن، حتى مع الدول التي تؤيد إسرائيل عادة.
ويقول المحلل الأميركي إن نتانياهو سيحاول "إكمال المهمة، حتى بعد أن أصبح الجميع ضده الآن، وهذا وضع غير مريح لإسرائيل. هو وضع صعب حقا".
ولا يعتقد فان شيراك أن نتانياهو سيقول: "أصبحنا في وضع مختلف الآن. لم ندمر حماس، ولكن ألحقنا الضرر بهم كثيرا وهذا يكفي" لكنه "قد يجد طريقة لتأخير العمليات والقول إنه سيجد طريقة أفضل للقيام بذلك" لكنه "لن يستطيع التخلي عن هدفه المتمثل في تدمير حماس".
ويضيف المحلل: "لا أعتقد سياسيا أنه يستطيع أن يفعل ذلك من أجل مصداقيته السياسية وبقائه في السلطة".
ويشير في المقابل إلى أن بايدن، في عام الانتخابات، يواجه مخاطر سياسية كبيرة لأن شريحة كبيرة من الرأي العام الأميركي، لا تريد رؤية المزيد من المدنيين يُقتلون في غزة.
ويعتقد المحلل نيسان في تصريحاته لموقع الحرة أن نتانياهو "أخطأ" بعدم إرسال الوفد، لأن من شأن هذه الخطوة زيادة "التوتر" مع الولايات المتحدة التي تعتبر سندا قويا لإسرئيل.
ويشير باولو فان شيراك، المحلل الأميركي، إلى حالة "انقسام حقيقي بين واشنطن وإسرائيل لأن الولايات المتحدة تصر على تجنب وقوع المزيد من الضحايا المدنيين، وليست هناك طريقة للتوفيق بين المواقف الأميركية والإسرائيلية بهذا الشان".
لكنه يستبعد التأثير على العلاقات، ويشير فقط إلى "خلاف مفتوح".
ويعتقد ميلاميد كذلك أنه "لن يكون هناك تأثير بارز على العلاقات".
ويعتقد نيسان أنه يجب انتظار نتائج مباحثات غالانت في واشنطن مع كبار صناع القرار، التي ستناقش البدائل المقترحة لعملية رفح وعما إذا كانت هذه البدائل ستؤدي إلى القضاء على القوة العسكرية لحماس، التي يقول إنها لاتزال نشطة، مدللا على ذلك بإطلاقها صواريخ من قطاع غزة على إسرائيل، الاثنين.