مع تزايد الأبحاث العلمية التي تدرس تأثير الأطعمة على صحتنا، يثير تناول الخبز العديد من التساؤلات بشأن ما يفعله بأجسامنا وصحتنا العامة.
وكان الخبز الطازج يمثل ركيزة أساسية في ثقافتنا الغذائية، إذ احتل مكانة مميزة في وجبات البشر منذ نحو 10 آلاف سنة، حسب التقديرات، قبل أن يكتسب سمعة "غير طيبة" في الآونة الأخيرة، حسبما يذكر تقرير لصحيفة "تلغراف" البريطانية.
وجاءت هذه السمعة في ظل الهوس المستمر بالأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات، إذ يتم اتهامه بالمساهمة في زيادة الوزن ومشاكل التمثيل الغذائي، وارتفاع مستويات السكر في الدم بطرق غير صحية.
كما تتزايد التحذيرات من الخبز الذي يباع في متاجر البقالة "السوبر ماركت" باعتباره من الأطعمة غير الصحية فائقة المعالجة (UPFs)، والخالية من الألياف وبها مواد مضافة.
ما الذي يفعله تناول الخبز؟
يقول المنتقدون إن الخبز عبارة عن كربوهيدرات سهلة الهضم، تحولها أجسامنا بسرعة إلى غلوكوز، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم.
وتشير الأدلة إلى أن الارتفاعات الشديدة في نسبة السكر في الدم، مع مرور الوقت، يمكن أن تسبب الالتهابات وتزيد من خطر الإصابة بأمراض، مثل أمراض القلب والسكري من النوع الثاني.
كما أنها أيضا تجعلنا نشعر بالجوع مرة أخرى بسرعة؛ ولهذا السبب يشير بعض الناس إلى الكربوهيدرات، مثل الخبز، على أنها "تسبب الإدمان".
وتقول عالمة التغذية في مؤسسة التغذية البريطانية، بريدجيت بينيلام: "بالمقارنة مع الأطعمة النشوية الأخرى مثل المعكرونة والأرز أو البطاطس، يحتوي الخبز على محتوى مائي أقل، وبالتالي على نسبة أعلى من الكربوهيدرات".
وعلى سبيل المثال، يحتوي الخبز الأبيض على حوالي 48 غراما من الكربوهيدرات لكل 100 غرام، مقارنة بحوالي 37 غراما للمعكرونة البيضاء، و27 غراما للأرز الأبيض، وحوالي 17 غراما للبطاطس المسلوقة.
مع إقبال الكثيرين عليه.. تحذير من "خطر" يشكله الصيام المتقطعوجدت دراسة جديدة أن الصيام المتقطع يزيد من خطر الوفاة بأمراض القلب بمعدلات مرتفعة، حسبما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
من جانبها، "تدافع" الدكتورة صالحة أحمد، أخصائية أمراض الجهاز الهضمي في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، والطاهية ومؤلفة كتاب "The Kitchen Prescription"، عن الكربوهيدرات، قائلة إن ارتفاع نسبة السكر في الدم بعد تناول الطعام "أمر طبيعي، ولا يسبب عموما مشاكل للأشخاص الأصحاء غير المصابين بالسكري".
وتضيف: "من الواضح أن الارتفاعات المفرطة يمكن أن تلحق الضرر بصحتنا". غير أنها تعتقد أن الكربوهيدرات مثل الخبز "ضرورية" لتزويد أجسامنا وعقولنا بالطاقة الكافية للقيام بوظائفها.
وتؤكد أنه ليست كل الكربوهيدرات أو الخبز متساوية، قائلة: "يحتوي خبز القمح الكامل على ألياف أكثر بكثير من الخبز الأبيض، مما يحتمل أن يكون وسيلة لتحقيق استجابة أكثر سلاسة لسكر الدم".
وفيما يتعلق بتأثير تناول الخبز على زيادة الوزن، تقول خبيرة التغذية، فانيسا كيمبل، إن الأمر يعتمد على كيفية صنع الخبز وأنواع الحبوب التي يحتوي عليها، "إذ يمكن للخبز المكرر منخفض الألياف أن يديم الجوع ويرفع مستويات الأنسولين، مما يساهم في زيادة الوزن".
من ناحية أخرى، يمكن للحبوب الكاملة والعجين المخمر أن تساعد في الواقع في إدارة الوزن، كما تضيف كيمبل، مشيرة إلى أن هذه الأنواع تحتوي على الكثير من الألياف، وأكل كميات أقل منها تجعل الإنسان يشعر بالشبع.
وحول المشاكل الصحية والانتفاخ المرتبط بتناول الخبز، تقول أحمد إن مرض الاضطرابات الهضمية (وهي حالة يهاجم فيها جهازك المناعي الأنسجة عند تناول الغلوتين) وحساسية الغلوتين، آخذان في الارتفاع، غير إنه من الصعب تحديد الدور الذي يلعبه الخبز في هذا الأمر.
ويزعم بعض الناس أن صناعة الخبز بسرعة باستخدام المواد المضافة، هي المسؤولة عن هذه الحالة الطبية، إذ إن عملية التخمير المستخدمة في الخبز سريع التحضير، أسرع بكثير من الخبز المخمر طبيعيا، مما يجعل هضم الخبز أكثر صعوبة.
وتضيف أحمد: "من الصعب للغاية بالنسبة للعلماء تحديد قطعة الخبز التي تسبب الأعراض".
علاوة على ذلك، تقول إن الانتفاخ ليس دائما أمرا سلبيا، وقد يكون الأمر مجرد أن الأمعاء تقوم بمعالجة الألياف.
تأثير جودة الحبوب
تقول كيمبل إن المدافعين عن الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات، "يتجاهلون حقيقة أن الخبز الجيد المصنوع من حبوب متنوعة ومزروعة بشكل مستدام وعمليات تخمير طويلة، مغذ بشكل لا يصدق".
وتؤثر جودة الحبوب الموجودة في الخبز وتنوعها بشكل مباشر على صحة الأمعاء، من خلال توفير مجموعة واسعة من أنواع الألياف عالية الجودة، التي يمكن الوصول إليها، بحسب كيمبل.
وتضف: "تدعم هذه الألياف ميكروبيوم الأمعاء المتنوع، وهو أمر بالغ الأهمية للصحة القوية".