أبرزت "وول ستريت جورنال" في تقرير لها الصعود الهائل الذي حققته الصين في مجال صناعة السفن التجارية والحربية مقارنة بالانحدار الذي تشهده هذه الصناعة في الولايات المتحدة. وحذر التقرير من أن الوضع هذا يمكن أن يلعب دوراً حاسماً في أي حرب مستقبلية تتواجه فيها القوتان العظميان.
وصفت الصحيفة الأميركية ما يجري في الصين بأنه "إنجاز صناعي مذهل آخر... وتحول الصين إلى الحوض العالمي لبناء السفن"، مشيرة إلى أن الصين أنتجت أكثر من نصف طلبات السفن التجارية في العالم العام الماضي، مما يجعلها أكبر صانع للسفن على مستوى العالم بفارق كبير. بموازاة ذلك تقلصت أحواض بناء السفن الغربية التي كانت غزيرة الإنتاج في السابق، والتي ساعدت في تشكيل الإمبراطوريات وتوسيع التجارة والفوز بالحروب. ولا تمثل أوروبا اليوم سوى 5 في المئة فقط من الناتج العالمي، في حين لا تسهم الولايات المتحدة بأي شيء تقريباً. وما لا تبنيه الصين يأتي من كوريا الجنوبية واليابان.
وتستفيد صناعة بناء السفن في الصين - بعكس الولايات المتحدة - من الطلبات الضخمة لبناء السفن التجارية، مما يعني أنه في صراع طويل الأمد، فإن أحواض بناء السفن الصينية من شأنها أن تمنح قواتها البحرية اليد العليا بصورة كبيرة.
في المقابل، كما تلفت "وول ستريت جورنال"، تكافح أحواض بناء السفن الأميركية - والتي تعتمد اليوم في الغالب على زبون كبير واحد هو البحرية الأميركية – لتلبية الطلب في الوقت المحدد، إذ لا يوجد ما يكفي من العمالة المدربة، كما هناك نقص في الأحواض الجافة.
ويعرب خبراء أميركيون، بحسب التقرير، عن قلقهم من الأمر، خصوصاً في ضوء ما أظهره الصراع الأوكراني، وهو أن الحروب يمكن أن تستمر لفترة طويلة، ومحاربتها تتطلب وجود صناعة فاعلة.
من جهتها، لن تواجه الصين مثل هذه المشكلات، وهذا واضح من خلال وجود حوضان ضخمان لبناء السفن على جزيرة قرب شنغهاي، عند مصب نهر اليانغتسى. ويعرفان الحوضان والجزيرة باسم تشانغشينغ، وهي عبارة عن "قاعدة ضخمة لبناء السفن".
وتنتمي أحواض بناء السفن إلى الشركات التابعة لـ"الشركة الصينية لبناء السفن" China State Shipbuilding Corporation، وهي شركة عملاقة مملوكة للدولة ويتراوح عملاؤها من البحرية الصينية إلى خطوط الشحن الأجنبية، بما فيها شركة الشحن التايوانية "إيفرغرين مارين" Evergreen Marine.
وبحسب التقرير تظهر صور الأقمار الاصطناعية لحوض بناء السفن جيانغنان وجود ورش بناء سفن تجارية إلى جانب سفن عسكرية مثل حاملة الطائرات الصينية الثالثة والمعروفة باسم "النوع 003" Type 003، مما يدل على تقاسم الموارد بين الجانب التجاري والعسكري.
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن البحرية الصينية تمتلك 370 سفينة حربية، أي أكثر من البحرية الأميركية. ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 435 بحلول عام 2030. وتقوم أحواض بناء السفن في الصين ببناء سفن حربية متطورة بصورة متزايد، مثل المقاتلة السطحية الكبيرة والمجهزة تجهيزاً جيداً من طراز "رينهاي". كما قاموا ببناء أكبر أسطول خفر سواحل وأسطول صيد في العالم، إضافة إلى أسطول بحري تجاري واسع النطاق، مما ضخم القوة البحرية الصينية.
وفي الوقت نفسه من المتوقع أن تظل البحرية الأميركية بالحجم نفسه، أو حتى تتقلص في السنوات القليلة المقبلة، لكنها تمتلك قطعاً أكثر تقدماً من تلك الموجودة في الصين، مثل عدد كبير من حاملات الطائرات، لكن الخبراء الاستراتيجيين في شؤون البحرية يجادلون بصورة متزايدة بأن حجم الأسطول مهم أيضاً، فكلما كان أكبر كلما كان ذلك أفضل.