• الساعة الآن 11:55 AM
  • 20℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

هل زراعة أعضاء الحيوانات هي الحل لإنقاذ أرواح البشر؟

news-details

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بلغت الحاجة إلى زراعة الأعضاء مستويات هائلة ومتزايدة لإنقاذ الأرواح. ويعتقد بعض العلماء أن الأعضاء الحيوانية قد تشكّل وسيلة جيدة لتلبية مستوى الطلب. غير أنّ العلم والعلماء تعثروا لجهة معرفة كيفية منع رفض الأعضاء وتجنب الالتهابات الخطيرة، كما توجّب عليهم حل المسائل الأخلاقية المعقدة، ضمنًا كيفية اختبار مثل هذه الأعضاء.

ويضاهي طول قائمة انتظار عمليات زرع الأعضاء في الولايات المتحدة ضعف عدد العمليات المنجزة في عام 2023، فقد أجريت 46.630 عملية زرع أعضاء في عام 2023، لكن ما زال هناك أكثر من 103.000 شخص على قائمة الانتظار.

لكن التطورات الأخيرة في مجالَيْ الاستنساخ وتحرير الجينات، بالتوازي مع الفهم الأفضل لمكافحة العدوى، قادت مجموعة من المؤسسات إلى تحقيق اختراقات كانت بمثابة خطوات رئيسية قد تسمح لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) بالموافقة على تجربة سريرية قريبًا.

وقد أجرى الباحثون زراعة كلى وقلوب خنازير معدّلة وراثيًا لدى أشخاص ماتوا دماغيًا، من أجل اختبار نجاحها على البشر. وأظهر الأطباء هذا الشهر، أن كبد الخنزير يمكنه تصفية الدم عند ربطه بشخص توفيَ أخيرًا. وفي الأسبوع الماضي فقط، قال الأطباء إنهم حدّدوا مزيجًا من مثبطات المناعة اللازمة للحد من رفض الأجسام البشرية لكلى الخنازير.

كما جرّب الجراحون زراعة قلوب معدلة وراثيًا في أشخاص أحياء، رغبوا باختبار ذلك عندما أدركوا أن وفاتهم كانت وشيكة وأنه من غير المرجح أن تنقذهم عملية زرع قلوب، لكنّ زرع الأعضاء من الحيوانات قد تنقذ العديد من الأرواح مستقبلًا.

كان لورانس فوسيت (لاري) يبلغ من العمر 58 عامًا ويعاني من قصور القلب في المرحلة النهائية منه. ولم تؤهله إصابته بمرض الشريان المحيطي لإجراء عملية زرع قلب. وبعد قضائه أسبوع مرهق جدًا في المستشفى، حيث لم يتمكن الأطباء من أداء وظائف قلبه بالشكل المطلوب، قرر أنه قد اكتفى واختار المغادرة، مفضلًا الموت في المنزل.

كان لاري، الذي كان يشغل منصب عال متعاقد في المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية لمدة 10 سنوات تقريبًا، واقعيًا بشأن فرصه في علاج القلب. لكن كان ينتابه شعورًا قويًا بأنه إذا كان ممكنًا أن يساعد الأطباء على التعلم، ويفيد الآخرين في نهاية المطاف، فسيكون من الجيد أن يكون "فأر تجارب بشرية"، على حد قول زوجته آن التي كانت تأمل بأن ينجح الأمر ولو لفترة قصيرة.

 

"نموذج مكسور"

أكثر من 100 ألف شخص في الولايات المتحدة ينتظرون إجراء عملية زرع الأعضاء. ليس هناك ما يكفي من المتبرعين، حتى لو قام الجميع بالتسجيل للقيام بذلك، فإن أقل من 1٪ من أولئك الذين يتطوعون يموتون بطريقة تخوّل أعضاءهم بأن تكون قابلة للزراعة. وكمعدّل وسطي’ يموت 17 شخصًا يوميًا وهم ينتظرون تلقي زراعة عضو.

ورأى الدكتور روبرت مونتغمري، مدير معهد لانغون لزراعة الأعضاء في جامعة نيويورك، وأحد الباحثين الذين يستكشفون زراعة الأعضاء، بأنّه يرى أنّ "فكرة أن يموت شخص ما لكي يعيش شخص آخر يعتبر نموذجًا مكسورًا".

وخلص إلى اعتقاده بأن "الحيوانات هي الحل".

وكان مونتغومري فقد والده في العام 1976، عندما كان عمره 14 عامًا، فقد والده بسبب قصور في القلب. لقد مر أكثر من عقد من الزمن على أول عملية زرع قلب، لكن قبل وقت طويل من أن تصبح هذه الإجراءات روتينية نسبيًا.

يعاني مونتغومري من المشكلة الجينية عينها التي تسبّبت بقصور قلب والده. قبل خمس سنوات، أجرى عملية زرع قلب خاصة به. لكن عدد الأعضاء المتبرع بها محدود للغاية لدرجة أنه تعرض لسكتة قلبية سبع مرات قبل أن يتأهل حتى ليكون على قائمة المتبرعين.

وخلص إلى أنّ زراعة الأعضاء "ستغير كل شيء حقًا".

وزرع الأعضاء من الحيوانات إلى البشر ليس بفكرة جديدة. فمنذ عقود، اعتقد الأطباء أنّ الرئيسيّات تُعد المرشحة الأفضل لزراعة الأعضاء، وفي عام 1984، زرعوا قلب قرد البابون لطفل عاش مدة 21 يومًا.

قال الدكتور آرت كابلان، أستاذ أخلاقيات علم الأحياء والرئيس المؤسس لفرع أخلاقيات الطب في قسم الصحة السكانية بكلية غروسمان للطب قس جامعة نيويورك: "تبيّن أنّ الرئيسيات صغيرة جدًا، ومكلفة للغاية، ومثيرة للجدل. كما أنها لم تتكاثر بالسرعة التي تتكاثر بها الخنازير". وبالتالي "لم ينجح الأمر". 

إلى ذلك، تشبه أعضاء الخنازير أعضاء البشر من الناحية التشريحية. لأكثر من ثلاثة عقود، تم استخدام صمامات قلب الخنازير لإصلاح قلوب البشر. وتدخل منتجات الخنازير في عشرات الأدوية المنقذة للحياة مثل الإبينفرين الذي يستخدم لعلاج الحساسية الشديدة، والهيبارين، وهو مسيّل للدم.

رغم ذلك، فإن زراعة عضو كامل من خنزير أمر صعب بسبب الاختلافات الجينية التي تؤدي إلى رفضها من جسم الإنسان. كما ثمة مخاوف من أن عضو الخنزير يمكن أن يحمل فيروسًا كامنًا يمكن أن يؤذي الإنسان المتلقي وينتشر حتى إلى البشر الآخرين.

 

مسار الأمل

في مزرعة أبحاث تقع في الغرب الأوسط، تتحرّك الخنازير ذات الأنف الرطب الشاخر والمهمهمة، إلى مقدمة حظائرها، على أمل الحصول على حلوى الخطمي. تضطلع شركة eGenesis، بتربيتها. وهي تمثل إحدى شركات التكنولوجيا الحيوية التي تعمل على تطوير الحيوانات من أجل زراعة الأعضاء، لأغراض البحث، وضمنًا دراسات الرئيسيات.

وقال الدكتور مايك كيرتس، الرئيس التنفيذي ورئيس شركة eGenesis  لكبير المراسلين الطبيين في CNN، الدكتور سانجاي غوبتا أثناء قيامه بمسح الحيوانات التي يرعاها: "هذه الحيوانات المانحة للأعضاء تتمتع بالقدرة على إنقاذ حياة الناس. بتنا قريبين من تحقيق ذلك". 

لخلق الخنازير، تبدأ eGenesis بعيّنة جلدية معزولة من سلالة خنزير يوكاتان الصغير، تُزرع لتوسيع الخلايا، ثم تستخدم تقنية كريسبر لإجراء 69 تعديلًا لإدراج بعض الجينات البشرية وإزالة بعض جينات الخنازير. وتستخدم الشركات الأخرى، ضمنًا تلك التي زودت الأعضاء بأحدث التجارب على البشر، تعديلات أقل.

لتحويل الخلايا المعدلة إلى خنزير، يلزم الاستنساخ، حيث يتم أخذ الخلايا المعدلة ودمجها مع خلية بويضة متبرع بها تمت إزالة نواتها لتكوين جنين خنزير. ثم يتم نقل هذا الجنين إلى خنزير بديل. تولد الخنازير المعدلة وراثيًا بعملية قيصرية ويتم تربيتها بواسطة طاقم عمل eGenesis.

طوال العملية، يتم الاحتفاظ بالخنازير في ظروف نظيفة للغاية. عندما يتفاعل البشر معهم، حتى ولو لمجرد إعطائهم قطعة من الخطمي، يجب عليهم الاستحمام وارتداء الأحذية والملابس التي توفرها الشركة. في وقت مبكر من الحياة، تكون الخنازير معرضة بشكل خاص للعدوى، وقد تشكل العدوى خطرًا كبيرًا على المتلقين من البشر.

وخلص كيرتس إلى أنه ما زال هناك أمام زراعة الأعضاء خطوات كبيرة يجب اتخاذها قبل أن تكون متاحة لعامة الناس، حتى أنها لم تخضع لتجارب سريرية. 

وقالت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لـCNN إن زراعة الأعضاء تحمل في طياتها "وعدًا كبيرًا، لكن هناك أيضًا "مخاطر محتملة". وأوصت بأن تقتصر عمليات زرع الأعضاء هذه على الأشخاص الذين يعانون من أمراض خطيرة أو تهدد حياتهم ولم تتوفر لهم بدائل كافية.

 

مستقبل زراعة الأعضاء من الحيوانات

في نهاية المطاف، يرى كابلان، عالم الأخلاق في جامعة نيويورك، وبعض العلماء الآخرين أن زراعة الأعضاء هي بمثابة جسر: حل قصير المدى نسبيًا من شأنه أن يساعد على إنهاء نقص الأعضاء في السنوات الخمس إلى السبع التالية، حتى يتمكن العلماء من اكتشاف كيفية تجديد الأعضاء المصابة أو غير العاملة لدى الشخص. 

وعليه، فقد أحرز بعض الباحثين تقدمًا في الطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد للأعضاء. وقال كابلان إن عمليات زرع الخنازير قد تعمل بشكل جيد، لكنها "ليست بنفس القدر من الأناقة".

ولا يرى الجميع أن الأعضاء الحيوانية هي حل مؤقت. يقول محيي الدين، جراح ميريلاند، إنه رغم أنه لا يزال هناك الكثير لنتعلمه، فإن زراعة الأعضاء الأجنبية ستكون "خيارًا صالحًا".

وتابع: "في المستقبل، يمكن تقديمه للمرضى بشكل منتظم، ونأمل أن ينقذ الآلاف أو الملايين من الأرواح".

شارك الخبر: