• الساعة الآن 10:56 PM
  • 15℃ صنعاء, اليمن
  • -18℃ صنعاء, اليمن

القاضي قطرن يحتضر في زنزانته

news-details

خاص | النقار

"أنا ميت"، تلك هي الجملة الوحيدة التي استطاع القاضي عبد الوهاب قطران إيصالها لنجله أحمد عبر اتصال من داخل السجن لم يستمر أكثر من 20 ثانية، قبل أن يقوم السجان بقطع الاتصال وترك أسرة قطران يعيشون الذهول.

ما الذي تريده سلطة صنعاء من كل انتقامها ذاك؟! ومن أين جاءت بكل هذا الحقد والإمعان في سحق نفسيات معارضيها، وهي التي كانت حتى الأمس القريب ترتدي ثوب الضحية المضطهدة وصاحبة المظلومية الكبرى واجتماعيا؟!

يوما فيوما تتكشف أوجه الشبه بين سلطة أنصار الله وسلطة الكيان الصهيوني، بحيث كأنهما تنتهجان نفس الأسلوب في كل شيء. فالكيان الصهيوني يدين العالم كله بالهولوكوست وبمظلومية اليهود التاريخية، ثم تراه يمارس ضد الفلسطينيين في غزة والضفة ما هو أبشع من الهولوكوست بعشرات المرات، دون أن ينسى التذكير بأن جيشه هو أكثر الجيوش أخلاقية في العالم. كذلك الأمر بالنسبة لسلطة صنعاء. فهي ترى نفسها رائدة الأحرار وقبلة مضطهدي ومظلومي العالم ثم تراها تمارس أبشع أنواع الظلم ضد مواطنيها العزل، فقط لأنهم ينتقدون تصرفاتها.

يؤكد أحمد قطران، نجل القاضي عبد الوهاب قطران المعتقل لدى جهاز الأمن والمخابرات التابع لسلطة صنعاء، أن أباه يعيش مصيرا غامضا بعد مرور شهر على اعتقاله، في زنزانة انفرادية، من منزله ومحاولة إذلاله أمام أسرته، مشيرا إلى أن اتصالا دام أقل من عشرين ثانية بينه وبين والده ولم يستطع فيه القاضي قطران أن يخبر ولده سوى جملة واحدة: "أنا ميت".

تلك الجملة هي الوحيدة التي نطقها قطران قبل أن يتم قطع الاتصال من قبل إدارة السجن.

‏كيف ترى قد تلقت أسرة قطران تلك الجملة التي إن لم تفد بأن والدهم في طريقه إلى الموت فعلى الأقل تفيد بأنه يتعرض للتعذيب الشديد؟! أين يذهب اليمنيون من سلطة تمارس الانتقام بهكذا بشاعة وفظاعة؟! أي أخلاقية تتشدق بها هذه السلطة يا ترى، وهي لا تترك فظاعة إلا ومارستها؟! هل يمكن تصديق أنها تريد نصرة الشعب الفلسطيني المضطهد وهي تمارس اضطهادا مضاعفا لمواطنيها؟! هل تريد من اليمنيين ألا يعتبروها هي وسلطة الكيان الصهيوني أمرا واحدا وهي تمارس ضد سجناء عزل لا حول لهم ولا قوة كل أعمال البطش والتنكيل؟!

ناشطون وسياسيون بُحت أصواتهم وهم يناشدون السلطة في صنعاء أن تخجل قليلا فتطلق سراح المعتقلين حتى لوجه الله، ومن بينهم القاضي قطران ورئيس نادي المعلمين أبو زيد الكميم. لكنها لا تستجيب لأحد سوى إلى شراهتها في الانتقام والتعذيب.

تمت إحالة مذكرة رفعتها لجنة الحريات وحقوق الانسان عبر رئيس مجلس نواب صنعاء يحيى الراعي إلى صاحب أمر القبض على القاضي رئيس جهاز الامن والمخابرات الخيواني التابع لسلطة صنعاء، لمعرفة مصير القاضي.

يتساءل الأكاديمي عبد السلام الكبسي عن الجدوى من اعتقال قطران في الوقت الذي تقول سلطة صنعاء بأنها تحارب الشر كله في البحر الأحمر ممثلا بأمريكا وإسرائيل.

يقول الكبسي: ‏"ما هو الداعي لاعتقال قطران؟! وما هو المعنى من الاستمرار في اعتقاله؟!"، مخاطبا تلك السلطة بالقول: "بعض التصرفات ترفعكم، وبعضها تضعكم في الأسفلين".

صوت استغراب آخر يطلقه الكاتب والروائي محمود ياسين مطالبا بإطلاق سراح قطران: "‏القاضي عبد الوهاب قطران يستغيث من زنزانته ويحرج رجولتنا ولم يحرج ضميركم. صرخته تجعل من احتفائنا بصرختكم في البحر محض نفاق".

ربما أن تلك الصرخة الغاضبة من قبل سلطة بهكذا تصرفات هي محض نفاق فعلا. فهي في النهاية سلطة تمارس الانتقام هنا والابتزاز هناك، هكذا تقول أصوات أخرى، كالناشط نائف عوض والذي كتب رسالة إلى القاضي قطران قال فيها: "‏لا تبتئس يا صديقي.. فنحن في زمن التطبيل وتزوير الحقائق، زمن يصبح الناصح فيه منافقا، زمن يصبح الصادق فيه كذوبا، زمن لا مكان فيه لأصحاب الضمائر الحية، زمن الغلبة للقوي والتطويع للضعيف زمن الخوف والصمت وضياع الحقوق".

ويضيف عوض مخاطبا صديقه: "لكن مهما كان الثمن فلا بد أن تشرق الشمس من بعد الظلام".‏

شارك الخبر: